ويصلح لفظ:(شياطين) أن يوصف به البشر إذا تجاوزوا الحدود المعهودة كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}(الأنعام: ١١٢)، وفي قوله تعالى:{وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}(البقرة: ١٤)؛ فالوصف بشياطينهم عائد على كبرائهم بجامع العتوِّ والسيطرة. قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: كهنتهم ورؤسائهم. وعن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أما شياطينهم فهم رؤوسهم في الكُفر (١). وقال البغوي: والشيطان المتمرد العاتي من الجن والإنس ومن كل شيء، وأصله البعد، يقال: بئر شطون أي: بعيدة العمق والقعر، وسمي الشيطان شيطانًا لامتداده في الشر وبعده عن الخير (٢).
[وفي المعارف الكتابية للكتاب المقدس]
معنى (الشيطان): خصم، وهو لفظ مأخوذ من فعل عبري معناه:(يكمن)، (يقاوم) فهو أكبر عدو للَّه وللناس، وتتضح المطابقة بين (إبليس) و (الشيطان) من (رؤ ١٢: ٩، ٢٠: ٢).
الإشارات إليه في العهد القديم: تستخدم الكلمة بدون (أل) التعريف بمعنى: (عدو)؛ وهكذا ترجمت في (١ صم ٢٩: ٤) عن داود كعدو محتمل في المعركة، وفي (١ مل ١١: ١٤ و ٢٣ و ٢٤ و ٢٥) ترجمت: خصمًا، وفي سفر العدد (٢٢: ٢٢) ترجمت: (يقاوم)، واستخدمت بلفظها للدلالة على خصم بشري. أما بأداة التعريف (أل) فيصبح اسم علم للدلالة على (الشيطان) بالذات، وهو ما نجده مثلًا في أيوب (١، ٢)، زكريا (٣: ١، ٢) إذ واضح أن الإشارة هنا إلى كائن غير بشري، وفي (١ أخ ٢١: ١) ترد الكلمة بدون (أل) التعريف ولكن واضح أيضًا أن المقصود بها هو الشيطان نفسه (انظر ٢ صم ٢٤: ١).
ويقول البعض: إن صورة الشيطان في العهد القديم لا يبدو منها أنه كائن شرير أساسًا، بل يبدو كائنًا ملائكيًا، عمله أن يمتحن الناس، ولا شك أن الصورة الكاملة