سنوات دولة الإسلام دعوةً ونشاطًا وتعليمًا وتوجيهًا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).
[الشبهة العاشرة: إنكار عائشة على أبي هريرة في التحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
عن عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلانٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حجرتي يحدِّثُ عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يُسْمِعُنِي ذَلِكَ، وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سبحتي، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحدِيثَ كَسَرْدِكُمْ (٢).
والرد على ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: أن عائشة لم تنكر الرواية، وإنما أنكرت سرد الحديث.]
قال أبو حاتم: قول عائشة: (ولو أدركته لرددت عليه) أرادت به سرد الحديث لا الحديث نفسه، والدليل على هذا، تعقيبها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسرد الحديث كسردكم (٣).
قال ابن حجر (ولو أدركته لرددت عليه) أي: لبينت له أن الترتيل في التحديث أولى من السرد (٤).
[الوجه الثاني: بيان عذر أبي هريرة في سرده للحديث.]
قال ابن حجر: واعتذر عن أبي هريرة بأنه كان واسع الرواية، كثير المحفوظ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث، كما قال بعض البلغاء أريد أن أقتصر فتتزاحم القوافي علي فيّ (٥).
[الشبهة الحادية عشرة: يدعون أن أبا هريرة كان يدلس.]
ادعوا عليه أنه كان يدلس في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويحتجون بقول شعبة: كان أبو هريرة يدلس، وكأن شعبة يشير بهذا إلى حديثه:(من أصبح جنبا فلا صيام له) فإنه لما حوقق عليه، قال: أخبرنيه مخبر، ولم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أخبرنيه الفضل بن العباس، فاستشهد ميتًا.
والرد على ذلك من وجوه
الوجه الأول: الأثر عن شعبة لا يصح، وهذا بيانه.
(١) أبو هريرة راوية الإسلام (٢٦٥: ٢٦٣). (٢) البخاري (٣٥٦٨)، مسلم (٢٤٩٣). (٣) صحيح ابن حبان (١٠٠، ٧١٥٣). (٤) فتح الباري ٦/ ٦٦٩. (٥) فتح الباري ٦/ ٦٦٩.