وذلك لدلالة المعجز على صدقه، وأمر الله سبحانه بطاعته، وتحذيره من مخالفة أمره (١).
ومن البديهي بعد هذا أن أقول: إن السنة التي لها هذه الأهمية في التشريع، إنما هي السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطرق العلمية، والأسانيد الصحيحة المعروفة عند أهل العلم بالحديث ورجاله (٢).
ومعنى حجية السنة هو: وجوب العمل بمقتضاها (٣)، وأقسام السنة كلها حجة أي: تصلح أن يحتج بها على ثبوت الأحكام الشرعية (٤).
[إجماع السلف على حجية السنة]
أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس (٥).
فإن الأئمة المقبولين عند الأمة قبولًا عامًّا؛ متفقون اتفاقًا يقينًا: على وجوب اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويرد، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٦).
وثبوت حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك إلا منْ لا حظَّ له في دين الإسلام (٧).
[٣ - السنة وحي من الله - عز وجل - تكفل بحفظها]
قال تعالى واصفًا رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤]. فصح لنا بذلك أن الوحي من الله - عز وجل - إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ينقسم على قسمين:
(١) روضة الناظر موفق الدين ابن قدامة (١/ ٢٧٣). (٢) منتهى الأماني بفوائد مصطلح الحديث للمحدث الألباني أحمد سليمان (٣٢٠). (٣) حجية السنة عبد الغني عبد الخالق (٢٤٣). (٤) شرح الكوكب المنير ابن النجار (٢/ ١٦٧). (٥) إعلام الموقعين ابن القيم (٢/ ٢٣٩). (٦) رفع الملام عن الأئمة الأعلام ابن تيمية (١١). (٧) إرشاد الفحول، الشوكاني (٣٣).