قال الزهري: إنما وصف عرضها، فأما طولها فلا يعلمه إلا اللَّه، وهذا كقوله تعالى:{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}(الرحمن: ٥٤)، فوصف البطانة بأحسن ما يعلم من الزينة، إذ معلوم أن الظواهر تكون أحسن وأتقن من البطائن (٢).
[كلمة عرض (في القرآن) يختلف معناها من موضع إلى موضع آخر]
قال الراغب:(العرض) خلاف الطول وأصله أن يقال في الأجسام ثم يستعمل في غيرها كما قال: {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}(فصلت: ٥١)، والعرض خُصَّ بالجانب، وأعرض الشيءُ: بدا عرضه، وعرضت العود على الإناء واعترض الشيء في حلقه: وقف فيه بالعرض، واعترض الفرس في مشيه وفيه عرضيه أي: اعتراض في مشيه من الصعوبة، وعرضت الشيء على البيع وعلى فلان ولفلان نحو:{ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ}(البقرة: ٣١)، {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا}(الكهف: ٤٨)، {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ}(الأحزاب: ٧٢)، {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}(الأحقاف: ٢٠).
وعرضت الجند، والعارض: البادي عرضه فتارة يخص بالسحاب نحو: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}(الأحقاف: ٢٤)، وبما يعرض من السقم فيقال: به عارض من سقم، وتارة بالخد نحو: أخذ من عارضيه، وتارة بالسن؛ ومنه قيل: العوارض للثنايا التي تظهر عند الضحك، وقيل: فلان شديد العارضة كناية عن جودة البيان، وبعير عروض: يأكل الشوك بعارضيه، والعرضة: ما يجعل معرضًا للشيء؛ قال تعالى:{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}(البقرة: ٢٢٤)، وبعير عرضة للسفر أي: يجعل معرضًا له، وأعرضك أظهر عرضه أي: ناحيته.
(١) زاد المسير (فاطر: ٤١). (٢) تفسير القرطبي ٤/ ٢٠٤.