وعن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِي فَقَالَ:"كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ"(٢).
وعن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه، فقال: يا نبي الله، لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا، فقال: مالي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب، سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها (٣).
وعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"اللهمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَة"(٤).
وعَنْ سَهْلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"(٥).
[الوجه الثالث: حق الزوجة على الزوج في الجماع.]
عن عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَبْدَ الله أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ"، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ:"فَلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا"(٦).
قال ابن بطال: لا ينبغي له أن يجهد بنفسه في العبادة، حتى يضعف عن القيام بحقها من جماع واكتساب، واختلف العلماء فيمن كف عن جماع زوجته.
فقال مالك: إن كان بغير ضرورة أُلزم به أو يفرق بينهما، ونحوه عن أحمد، والمشهور عند الشافعية أنه لا يجب عليه، وقيل: يجب مرة، وعن بعض السلف في كل أربع ليلة، وعن بعضهم في كل طهر مرة (٧).
(١) البخاري (١٩٦٩)، مسلم (١١٥٦). (٢) البخاري (٦٤١٦). (٣) مسند أحمد (١/ ٣٠١)، صحيح ابن حبان (٦٣٥٢)، وصححه الألباني في فقه السيرة (١/ ٤٣٤). (٤) البخاري (٦٤١٣)، مسلم (١٨٠٥). (٥) البخاري (٦٤١٥)، مسلم (١٨٨١). (٦) البخاري (٥١٩٩). (٧) فتح الباري (٩/ ٢١٠).