نص الشبهة: جاء في السورة البقرة: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}(البقرة: ١٧)، والقياس أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفردًا، فيقول:(ذهب اللَّه بنوره).
والرد على هذه الشبهة من هذه الوجوه:
[الوجه الأول]
إن (الذي) في جمعها لغتان:
(الذين) في الرفع والنصب والجر، و (الذي) بحذف النون؛ كما في قول أشهب بن رُمَيلَة:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد (١)
قال ابن يعيش: الشاهد في البيت رُميله هو حذف النون من الذين استخفافًا على ما تقدم، والذي يدل على أنه أراد الجمع قوله:(دماؤهم)، فعود الضمير من الصلة بلفظ الجمع يدل على أنه أراد الجمع، ومثله قوله تعالى:{وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}، والمراد: الذين، لقوله: خاضوا. (٢)
قال الزمخشري: إن العرب لاستطالة الاسم الموصول بصلته مَعَ كَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ خَفَّفُوه من غير وجه، فقالوا: اللذِ بحذف الياء، ثم اللذ بحذف الحركة، ثم حذفوه رأسًا واجتزؤا عنه بالحرف الملتبس به وهو لام التعريف، وقد فعلوا ذلك بمؤنثه؛ فقالوا:(اللتِ واللت والضاربته هند)؛ بمعنى: التي ضربته هند، وقد حذفوا النون من مثناه ومجموعه؛ قال الفرزدق:
ولفظة الذي مفرد ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها وقد تقرر في علم الأصول أن
(١) البيت لأشهب بن رميلة، كما نسبه له ابن جني في سر صناعة الإعراب ٢/ ٥٣٧، وابن منظور في لسان العرب ١٥/ ٢٤٦. (٢) شرح المفصل لابن يعيش ٣/ ١٥٤. (٣) المفصل في صنعة الإعراب ١٨٣، ١٨٤.