قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّى أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا وَالله لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" (١).
وقال ابن حجر: تَعْظِيم أَمْر الْعَفْو عَنْ المُسِيء؛ لِأَنَّ ثُمامَة أَقْسَمَ أَنَّ بُغضه اِنْقَلَبَ حُبًّا فِي سَاعَة وَاحِدَة لِمَا أَسَدَاهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ مِنْ الْعَفْو وَالْمَنّ بِغَيْرِ مُقَابِل، وفيه أَنَّ الْإِحْسَان يُزِيل الْبُغْض وَيُثْبِت الْحُبّ (٣).
[٢ - رحمته - صلى الله عليه وسلم - بأمته]
قال - تعالى -: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].
قال السعدي: يمتن - تعالى - على عباده المؤمنين بما بعث فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي الذي من أنفسهم، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، ولا يأنفون عن الانقياد له، وهو - صلى الله عليه وسلم - في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم.
{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم.
{حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه.
{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم (٤).
(١) أخرجه البخاري (٤٦٢، ٤٣٧٢)، ومسلم (١٧٦٤) واللفظ له. (٢) شرح النووي (٦/ ٣٣٢). (٣) فتح الباري (٨/ ١٠٣، ١٠٤). (٤) تفسير السعدي (٣٥٦).