قال ابن حجر: وطريق الجمع بين هذا الاختلاف الحمل على التعدد فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد. (١)
[الوجه الثالث: القصة المذكورة ليس فيها غدر بحفصة]
هل معاشرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لسريته وأم ولده تعتبر خيانة زوجية والعياذ بالله؟
بالطبع لا فهي من نسائه اللاتي أحل الله له، وهذا أمر معروف ولا حرج فيه:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ}[الأحزاب: ٥٠].
قال ابن كثير: وقوله: {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} أي: وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما. وملك ريحانة بنت شمعون النضرية، ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَام -، وكانتا من السراري، رضي الله عنهما (٢).
[الوجه الرابع: للرجل حق في أن يجامع زوجته في غير يومها.]
والدليل على ذلك:
١ - عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهَا قَالَتْ:"كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَحُّ طِيبًا". (٣)
قال ابن حجر:(فيطوف) كناية عن الجماع. (٤)
٢ - عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. (٥)
٣ - عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَالَ سَلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأة تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يجاهِدُ في سَبِيلِ الله، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ الله. فَلَمْ
(١) فتح الباري (٩/ ٢٨٩). (٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٢٤). (٣) أخرجه البخاري (٢٦٧)، ومسلم (١١٩٢). (٤) فتح الباري (١/ ٤٤٩)، وانظر شرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ٣٦٠). (٥) أخرجه البخاري (٢٨٤)، مسلم (٣٠٩) واللفظ له.