قال البغوي:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ} اختلفوا في هذه النفخة فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنها النفخة الأولى {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}(الزمر: ٦٨){فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}(الزمر: ٦٨)، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)} (الصافات: ٢٧)(١).
قال البيهقي: هذا في النفخة الأولى ينفخ في الصور فيصعق مَنْ في السموات ومَنْ في الأرض إلا مَنْ شاء اللَّه {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} ثم إذا نفخ في النفخة الأخرى قاموا {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)} (٢).
ثانيًا: إن الكتمان وعدمه يختلف ما بين النفخة الأولى ودخول الجنة:
قال ابن الجوزي: ففي قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} في هذه النفخة قولان:
أحدهما: أنها النفخة الأولى؛ رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنها الثانية؛ رواه عطاء عن ابن عباس.
فقد أخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس أيضًا أنه سئل عن الآيتين فقال: أما قوله: {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)} فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون (٣). وفي رواية أخرى: أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله:{فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} قال: حين ينفخ في الصور
(١) معالم التنزيل ١/ ٤٢٨، فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون (١٠١). (٢) شعب الإيمان ١/ ٣١٨. (٣) زاد المسير ٥/ ٤٩٠؛ قوله: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}.