معنى قوله:{وَرُوحٌ مِنْهُ} ورحمة منه، كما قال جل ثناؤه في موضع آخر:{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}[المجادلة: ٢٢] قالوا: ومعناه في هذا الموضع: ورحمة منه، قالوا: فجعل الله عيسى رحمة منه على من اتبعه وآمن به وصدّقه؛ لأنه هداهم إلى سبيل الرشاد (١).
[المعنى الثالث: الروح بمعنى مخلوقة من عند الله.]
وروح من الله خلقها فصورها، ثم أرسلها إلى مريم، فهي روح مخلوقة من عند الله (٢).
[المعنى الرابع: الروح بمعنى جبريل.]
معنى:"الروح" ههنا جبريل - عليه السلام -، قالوا: ومعنى الكلام: وكلمته ألقاها إلى مريم، وألقاها أيضًا إليها روح من الله، قالوا: فـ "الروح" معطوف به على ما في قوله: "ألقاها" من ذكر الله، بمعنى: أنّ إلقاء الكلمة إلى مريم كان من الله، ثم من جبريل - عليه السلام - (٣).
[المعنى الخامس: الروح بمعنى رسول.]
عَنْ مُجَاهِدٍ:{وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} قال: "رَسُولٌ مِنْهُ"(٤).
[الوجه السادس: الحكمة من وصفه بهذه الصفة (الروح).]
الأول: جرت العادة بأنهم إذا أرادوا وصف شيء بغاية الطهارة والنظافة، قالوا: إنه روح فلما كان عيسى - عليه السلام - متكونًا من النفخ لا من النطفة وصف بالروح (٥).
الثاني: أنه كان سببًا لحياة الخلق في أديانهم، ومن كان كذلك وصف بأنه روح، قال تعالى في صفة القرآن:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}[الشورى: ٥٢](٦).
(١) الطبري في التفسير (٦/ ٣٦)، البغوي (١/ ٥٠٢)، زاد المسير (٢/ ٢٦١). (٢) الطبري في التفسير (٦/ ٣٦)، النووي شرح صحيح مسلم (١/ ٢٦٣). (٣) الطبري في التفسير (٦/ ٣٦)، البغوي (١/ ٥٠٢)، زاد المسير (٢/ ٢٦١). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (٦٣١١). (٥) الآلوسي في التفسير (٦/ ٢٥). (٦) النكت والعيون (١/ ٥٤٦)، الرازي في التفسير (١١/ ١١٥)، زاد المسير (٢/ ٢٦٢).