وقوله: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧)} أي: وسخرنا له الشياطين سلطناه عليها مكان ما ابتُليناه بالذي ألقينا على كرسيّه منها يستعملها فيما يشاء من أعماله من بنَّاء وغوَّاص، فالبُناة منها يصنعون محاريب وتماثيل، والغاصة يستخرجون له الحُلِيّ من البحار، وآخرون ينحتون له جِفانًا وقدورًا، والمَردَة في الأغلال مُقَرَّنون (١).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي الله مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا. (٣)
[الوجه الخامس: لا غرو أن يأتي القرآن بشي، لم يذكره الكتاب المقدس]
إن القارئ للكتاب المقدس يجد أنه أخلَّ بأمور كثيرة ما تحدّث عنها يحتاجها قارئه،
(١) تفسير الطبري (٢٣/ ١٦٢). (٢) أخرجه أبو داود (٤٩٣٢)، وصححه الألباني في صحيح آداب الزفاف (١١٠). (٣) أخرجه البخاري (٤٤٣٤)، مسلم (٥٤١)، مسند أحمد (٢/ ٢٩٨).