كتاب موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام

٤ - شبهة موافقة عمر - رضي الله عنه - لربه. - الوجه الثالث: فضائل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وإبطال ما رمي به من أنه يطلع على عورات زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -. - ج: 4 - ص: 206

وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْد هَذَا مُوَافَقَته فِي مَنْعِ الصَّلَاة عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَنُزُول الْآيَة بِذَلِكَ (١)، وَجَاءَتْ مُوَافَقَته فِي تَحْرِيم الْخَمْر (٢).

قال ابن رجب: وقول عمر: (وافقت ربي في ثلاث)، ليس بصيغة حصر، فقد وافق في أكثر من هذه الخصال الثلاث والأربع. ومما وافق فيه القرآن قبل نزوله: النهي عن الصلاة على المنافقين (٣). وقوله لليهود: من كان عدوا لجبريل، فنزلت الآية.

وقوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما اعتزل نساءه ووجد عليهن: يا رسول الله، إن كنت طلقتهن، فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك (٤).

قال عمر: وقل ما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، فنزلت آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: ٥] (٥).

وهذا من الموافقة من باب المفاعلة التي تدل على مشاركة اثنين في فعلٍ يُنسب إلى أحدهما متعلقًا بالآخر، والمعنى في الأصل: وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، ولكنه راعى الأدب فأسند الموافقة إلى نفسه لا إلى الرب جل وعز، والتخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد (٦).

الوجه الثالث: فضائل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وإبطال ما رُمِيَ به من أنه يطلع على عورات زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -.

[عمر بن الخطاب الملهم]

لعمر فضائل جمة ومناقب لا تحصى، تكفيه أن يصل إلى هذه المرتبة وهي أن يوافق كلامه كلام الوحي من الله تعالى بإذن الله - عز وجل -، وليس في هذا اتهام للوحي أنه ينزل موافقًا

---

(١) مسلم (٢٤٠٠).
(٢) شرح النووي (٩/ ١٨٠).
(٣) البخاري (١٣٦٦)، مسلم (٢٤٠٠).
(٤) مسلم (١٤٧٩).
(٥) فتح الباري لابن رجب (٣/ ١٥٣)، وأما موافقته في قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: ٩٧]، فرواه: أبو جعفر الرازي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى، عن عمر ورواه: داود، عن الشعبي، عن عمر، وهما منقطعان.
(٦) عمدة القاري (٤/ ١٤٣).