الفتنة لغةً: قال الأَزهري وغيرُه: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك: فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، والفَتْنُ الإِحْراقُ، ومن هذا قوله - عز وجل -: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣)} أَي: يُحْرَقون بالنار، ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، قال ابن الأَعرابي الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة والكُفْرُ واختلافُ الناس بالآراء، والإِحراق بالنار (١).
الفتنة اصطلاحًا: الفتنة ما يتبين به حال الإنسان من الخير والشر، يقال: فتنت الذهب بالنار إذا أحرقته بها لتعلم أنه خالص أو مشوب، ومنه الفتان: وهو الحجر الذي يجرب به الذهب والفضة (٢).
والفتنة ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك، حيث لا يعلم المحق من البطل (٣).
وهى البَلِيَّة: وهي معاملة تظهر الأمور الباطنة (٤).
والفتنة التي وقع فيها سليمان - عليه السلام - هي التي بمعنى الابتلاء والاختبار قال تعالى:{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}.
ثانيًا: تفسير الآية: أورد الرازي في تفسيره أقوالًا لهذه الآية فقال:
للناس فيه قول، ولأهل العلم والتحقيق قول آخر، أما قول أهل الحشو فذكروا فيه حكايات:
الأولى: قالوا: إن سليمان بلغه خبر مدينة في البحر فخرج إليها بجنوده تحمله الريح فأخذها وقتل ملكها، وأخذ بنتًا له اسمها جرادة من أحسن الناس وجهًا فاصطفاها لنفسه.
والرواية الثانية: أن تلك المرأة لما أقدمت على عبادة تلك الصورة افتتن سليمان وكاد يسقط الخاتم من يده ولا يتماسك فيها، فقال له آصف: إنك لمفتون بذنبك فتب إلى الله.
(١) لسان العرب (٥/ ٣٣٤٤). (٢) التعريفات للجرجاني (٢١٢). (٣) ابن حجر فتح الباري (١٣/ ٣٤). (٤) في التوقيف على مهمات التعريف للمناوي (٢٥٧).