أو تُسَوِّدوه، والتعزير: المنع وها هنا: الطاعة، أو التعظيم، أو النصر. (١)
{وَتُعَزِّرُوهُ} أي: تعظموه وتفخموه؛ قاله الحسن والكلبي، والتعزير: التعظيم والتوقير، وقال قتادة: تنصروه وتمنعوا منه. ومنه التعزير في الحد؛ لأنه مانع، قال القطامي:
ألا بكرت مي بغير سفاهة ... تعاتب والمودود ينفعه العزر
وقال ابن عباس وعكرمة: تقاتلون معه بالسيف، وقال بعض أهل اللغة: تطيعوه (٢). (وَتُوَقِّرُوهُ) أي: تسودوه؛ قاله السدي، وقيل: تعظموه، والتوقير: التعظيم والترزين أيضًا. والهاء فيهما للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-, وهنا وقف تام، ثم تبتدئ:(وَتُسَبِّحُوهُ) أي: تسبحوا اللَّه (بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أي: غدوةً وعشيًا. (٣)
قال:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} أي: تعينوه وتنصروه، {وَتُوَقِّرُوهُ} أي: تُعظموه وتُفخموه، هذه الكنايات راجعة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وههنا وقف، ثم قال:{وَتُسَبِّحُوهُ} أي: تسبحوا اللَّه؛ يريد يصلوا له بكرةً وَأصيلًا: بالغَدَاةِ والعشيِّ. (٤)
وقد تجمع العرب شيئين في كلام فيرد كل واحد منهما إلى ما يليق به وفي القرآن: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)} (سورة البقرة: ٢١٤) والمعنى: يقول المؤمنون: متى نصر اللَّه فيقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا إن نصر اللَّه قريب. (٥)
ومن الأمثلة أيضًا على أسلوب اللف والنشر:
أ- على ترتيب اللف: قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} أي: في الليل، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي: في النهار بالسعي في المكاسب، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وأي:
(١) تفسير العز بن عبد السلام ١/ ١١٠. (٢) انظر النكت والعيون للماوردي ٥/ ٣١٣. (٣) تفسير القرطبي؛ الفتح: ٩. (٤) اللباب في علوم الكتاب لابن عادل؛ الفتح: ٩، ١٧/ ٤٨٦. (٥) المدهش لابن الجوزي ص ٣٨.