عَنْ أَمْرِهِ} (النور: ٦٣) والأمر بالحذر لا يكون إلا بعد توجه الحجة. (١)
وقال الإمام البخاري: باب ما جاء في إجازة خير الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام، وقول الله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}(التوبة ١٢٢).
ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}(الحجرات: ٩).
فلو اقتتل رجلان دخل في معنى الآية. (٢)
٢ - ومنها قوله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}(الحجرات: ٦)، وفي قراءة:{فتَثبَّتُوا}.
وهذا يدل على الجزم بقبول خبر الواحد أنه لا يحتاج إلى التثبت، ولو كان خبره لا يفيد العلم؛ لأمر بالتثبت حتى يحصل العلم، ومما يدل عليه أيضًا: أن السلف الصالح، وأئمة الإسلام لم يزالوا يقولون: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وفعل كذا، وأمر بكذا، ونهى عن كذا، وهذا معلوم في كلامهم بالضرورة.
وفي صحيح البخاري: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عدة مواضع -، وكثير من أحاديث الصحابة يقول فيها أحدهم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سمعه من صحابي غيره، وهذه شهادة من القائل، وجزم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما نسبه إليه من قول أو فعل.
فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لكان شاهدًا على رسول الله بغير علم.
٣ - وقوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}(الإسراء: ٣٦). أي: لا تتبعه ولا تعمل به، ولم يزل المسلمون من عهد الصحابة يتناقلون أخبار الآحاد، ويعملون بها، ويثبتون لله تعالى بها الصفات، فلو كانت لا تفيد علمًا؛
(١) أصول السرسخي (١/ ٣٣٦). (٢) صحيح البخاري باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق.