قال أبو جعفر الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه: {وَلَا تَكُونُوا} يا معشر الذين آمنوا: {كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا} من أهل الكتاب {وَاخْتَلَفُوا} في دين الله وأمره ونهيه {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}، من حجج الله، فيما اختلفوا فيه، وعلموا الحق فيه فتعمدوا خلافه، وخالفوا أمرَ الله، ونقضوا عهده وميثاقه جراءة على الله {وَأُولَئِكَ لَهُمْ}، يعني: ولهؤلاء الذين تفرقوا، واختلفوا من أهل الكتاب من بعد ما جاءهم {عَذَابٌ} من عند الله {عَظِيمٌ}، يقول جل ثناؤه: فلا تتفرقوا، يا معشر المؤمنين، في دينكم تفرُّق هؤلاء في دينهم، ولا تفعلوا فعلهم، وتستنوا في دينكم بسنتهم، فيكون لكم من عذاب الله العظيم ما لهم. (١)
وقال ابن كثير: ينهى هذه الأمة أن تكون كالأمم الماضية في تفرقهم واختلافهم، وتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قيام الحجة عليهم. (٢)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتفرقت النَّصَارَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً". (٣)
(١) تفسير الطبري (٤/ ٣٩). (٢) تفسير ابن كثير (١/ ٥٣٥). (٣) رَوَاهُ أبو داود (٦٢٤٧)، والترمذي (٢٦٤٠)، وعند ابن ماجه (٣٩٩٣) عن أنس بن مالك وإسناده صحيح، وصححه الألباني في الصحيحة (١٤٩٢, ٢٠٣).