الجَنّةَ مأواهما، وكتاب "التَّذْهِيب" اختصار التَّهْذيب للحافظ أبى عبد اللّه الذَّهَبيّ شيخ شيوخنا كتابًا جَليلًا غير أنّ فيه طُولًا أيضًا، وكتاب "الكاشف" مختصره له ذكر فيه رُوَاة الكتب الستة فقط، وكثيرًا ما لا يذكر فيه تَعْدِيلًا ولا تَجْرِيحًا، وَلا وفاة بعض الشُيُوخ، لا رَمْزًا ولا تصريحًا، وكان شَيْخُنَا العِرَاقيّ قد شَرَع في عمل كتاب يحتوي على أسماء رُوَاة الكُتُب السِّتَّة - وفيه استدراكات على المِزِّيّ وفوائد .. ، وذلك لسؤالنا - وصل فيه إلى أثناء الأحمدين، وقد قرأت بعض ذلك عليه، ثم تركه قبل خروجنا من القَاهِرة في الرِّحْلة الثانية، أَحْبَبْتُ أن أؤلّف كتابا جامعًا، لا طَويلا مُمِلًا، ولا مختصرًا مُخِلًا …
فقد أبان المصنف عن السبب الباعث له على تأليف هذا الكتاب، وهو أن كتاب المِزّيّ والذّهبي "التذهيب" مع جلالتهما فيهما طُولٌ، وكتاب عبد الغنّي المقدسيّ طويل أيضًا مع ما فيه بعض الأغاليط وإهمال بعض الرُّوَاة الموجودين في الكُتُب السِّتَّة الَّتي نَبَّه عليها المِزّيّ، وأمّا كتاب "الكَاشِف" ففيه اختصار شَديِد، فكثيرًا ما لا يُذكر فيه تَوثيقٌ وَلا تَجْريح ولا وفاة بعض الشيوخ …
(ب) يبدو من قراءة مقدمة المؤلف بِالتَّمَعُّن أنَّ هُنَاك سَبَبًا آخر أيضًا لتأليف الكتاب غير السبب الّذِي ذكره المؤلّف صَرِيحًا، وهو أنّ المؤلّف كان له مؤاخَذَات على بعض من تَقَدّمه، ومُنَاقَشَات مع بعضهم، كما أنّ المُؤلّف يَرَى بعضَ النَّقَائص الطَّفيِفة في مؤلّفات من قبله في هذا المجال، ولكن تأدبه البَالغ مع الأسْلاف لم يسمح له بنقدهم بِصريح القول، فذكر بعض ما تَمّيَز به كتابه - وسيأتى ذكر هذه الميزات - عن مؤلّفات السابقين، فخُلُوّ مؤلّفاتِ الآخرين من هذه الصِّفَات الّتي تَحَلّى بها كتاب السِّبْط سَبَبٌ آخر لتأليف هذا الكتاب، والله أعلم.