مَسْئَلة: اختَلَفُوا في رِوَايَة المُبْتَدع - وقد ذكرت في "زجاجة حَمراء" بعض المبتدعة، وذكرت اعتقاداتهم وأعنى بالمتبدع الذى لم نكفّره ببدعته - (١). على أَقْوالَ، فَقِيل: تُرَدّ رِوَايتُه مُطْلَقًا، لأنَّه فَاسقِ بِبِدْعَتِه، وإن كَانَ مُتَأَوِّلًا، والقَوْلُ الثَّاني: أَنَّه إن لم يْكُن يَسْتَحِلّ الكَذِبَ في نُصْرة مَذْهَبِه أو لأهل مَذْهَبِه قُبِل، سَوَاء كَانَ دَاعِيةً إلى بِدْعَتِه أمْ لا، وعَزَى هَذَا القَوْلَ الخَطِيبُ إلى الإمام الشَّافِعي، والقَوُل الثَّالثُ: أنَّه إن كَانَ دَاعِيةً إلى بِدْعَتِه لم تُقْبَل وإلّا قُبِل، وإليه ذَهَبَ الإمام أحمدَ (٢)، قَالَ ابن الصَّلاح: إنَّه مَذْهَب الكَثِير أو الأكْثَر، وهو أعْدلُها، وحَكَى في ذلك ابن حبَّان: بكسر الحَاء الاتّفَاقَ في رَدّ رِوَايَة المُبْتَدع الدَّاعِية، وفي قَبُول غير الدَّاعيَةَ (٣)، وفي "خ" رواية عِمْرَان بن حِطَّان، وهو من الخَوَارِج (٤)، وهو دَاعِيةً (٥)، وأَخْرَج "خ" أيْضًا لِعَبْد الحميد بن عبد الرَّحْمَن الجِمَّانِيّ، وقد قَالَ أبو داود: إنّه كَانَ دَاعية إلى الإرْجَاء (٦)، ودَاود
(١) هذه العبارة المعترضة جاءت في الهامش بعد لحق بعد كلمة "المبتدع" وفي نهايتها كلمة صح موجودة فأثبتها كما هي، "زجاجة حمراء" يبدو انها مؤلَّف للمؤلِّف، إلّا أنى لم أجد ذكرها في مؤلَّفَاتِه. (٢) انظر تفاصيل الأقوال الثلاثة في الكفاية ص: ١٩٤ - ١٩٥ للخطيب البغدادى. (٣) راجع مقدمة ابن الصَّلاح ص: ٥٤ - ٥٥ وانظر أيضا مقدمة المجروحين لابن حِبّان ١/ ٨١ - ٨٢. (٤) قال الذهبي في الكاشف ٢/ ٩٢ (٤٢٦٢) وُثِّق، كان خَارِجِيًا، مَدَح ابن ملجم (خ د س). (٥) ولا أدرى من أين قال المؤلف إنّه كان دَاعِيةً، والبخارى يقول في ترجمته في التاريخ الكبير ٦/ ٤١٣: … قال عَمْرو بن خَالد: حَدَّثَنا زُهَير عن أبيه عن مُحَارِب: زَامَلتُ عِمْران بن حِطَّان فما سَأل واحد مِنّا صاحِبَه عن الهَوَى، أي عن المَذْهب والبدعة، ومحارب هو ابن دثار كان من المرجئة الأولى كما في طبقات ابن سَعْد ٦/ ٣٠٧ وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥/ ٢١٩ بعد أن نقل ما ذكرتُه منَ تاريخ البخاري: كان عمران خارجِيًا، وكان محارب يتشيع انتهى فالخارجي والشيعِيّ متناقِضَان، فمراد الإمام البخاري ﵀ من هذا ا الخبر الذى ذكره عن محارب في ترجمة عمران أن كُلّا من عمران ومحارب لم يكن دَاعِيةً إلى بدعته، لا تبرئته من البدعة مطلقًا. (٦) قَالَ الذَّهَبِي في الكاشِف ١/ ٦١٧ في ترجمته: قال أبو داود: دَاعِية إلى الإرجَاء وفي سؤالات أبى عبيد الآجري عن أبى داود ص: ١٧٧: الحِمَّاني مُرجئى يعنى عبد الحميد، ولم يقل فيه: داعية.