إعلم أنّه لَمّا كان لَيَالٍ بَقِين من صَفَر سَنَة عَشر أو في أوّل رَبِيع الأوّل يَوْمَ الأرْبِعاء، ويُقَالُ: يومَ السَّبْت بَدَأ به ﵇ وَجْعُه، فَحَمّ وَصَدُع، فَلَمّا كان يوم السَّبْت لِعَشْر خَلَوْنَ من رَبِيع الأوّل وَدَّع المسلمين الذَّاهِبين إلى أبْنَى جَيْشَ أسَامَة، وقد تَقَدَّم أنَّه آخِر البُعُوث، فَمَضَوا إلى الجُرْف، وثَقُلَ ﵇، فَجَعَل يَقُولُ: أنفذُوا جَيْشَ أسَامَة، فَلَمّا كَانَ يومَ الأحدِ، اشتدّ به وَجْعُه، وفي ذلك اليوم لُدّ، فَدَخَل أسَامَة من مُعَسْكَرِه في يومِه، وهو ﵇ مَغْمُور، ثم دَخَلَ يوم الاثنين وهو مُفِيق، فَقَال ﵇: اغْدُ على بَرَكَةِ اللّه، فَوَدَّعَه أسَامَة، وخَرَج، فأمر النَّاسَ بِالرَّحيِل، فبينما هُو يُرِيد الرُّكُوب إذا رَسُولُ أمِّه أمّ أيمَن بَرَكة قد جَاءَه يَقُولُ: إنَّ رَسُولَ اللّه ﷺ يَمُوت، فأَقْبل مَعَه عُمَر على القَوْلِ بأنّه كَانَ في جَيْشِه، وأبو عُبَيْدَة، فَتُوفي ﷺ شهيدًا حِين زَاغَتِ الشَّمْسُ يَومَ الاثنين لاثْنَتَى عَشرة لَيْلةً خَلَت من رَبِيع الأوّل، وكلام السُّهَيْلِيّ في ذلك مَعْرُوف صَحِيح (١)، وقال الخُوارزَمِيّ (٢): توفى أوَّل رَبِيع الأوَّل، ودُفِن لَيْلَة الأرْبَعَاءِ،، وقِيل: لَيْلَةَ الثُّلاثاء وقيل: يوم الاثنين عند الزّوال، قالَه الحَاكِم وصَحَّحَه قُطْب، ومُدّة شَكْوَاه اثنى عَشْر يومًا (٣)، وقيل: أربعة عشر، وقيل: ثَلاثة عشر، وقيل: عَشْر أيّام، وقيل: ثَمَانية.
وغَسَّله عَلِيّ، والعَبّاسُ، وابنُه الفَضْل، يُغَسِّلُونَه وقُثم وأسَامَة وشُقْران يصُبُّون المَاءَ، وأَعيُنُهم مَعْصُوبَة من وراء السِّتْر بحديث عَلِيّ لا يُغَسِّلنِي أحَدٌ إلّا
(١) راجع الروض الأنف ٧/ ٥٧٨ - ٥٧٩. (٢) كلام الخوارزمي ذكره السهيلي مختصرًا في الروض الألف ٧/ ٥٧٩. (٣) كذا "اثنى عشر" في الأصل، ولَعَل الصواب: اثنا عشر يومًا.