(وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ): النُّونُ وَالأَلِفُ ضَمِيرُ اسْمِ الفَاعِلِ، وَالعَصْرَ: نَصْبُ مَفْعُولٍ.
وَمَعْنَى: (أَرْهَقْنَا) أَخَّرْنَا، أَيْ: أَخَّرْنَاهَا حَتَّى كَادَ يَدْنُو مِنَّا، يُقَالُ: رَهَقَتِ الكِلابُ الصَّيْدَ إِذَا لَحِقَتْهَا أَوْ كَادَتْ، فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَرْهَقْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فَمَعْنَاهُ: أَعْجَلْتُهُ عَنْهَا.
وَفِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ (١) غَسْلُ الْأَرْجُلِ لَا مَسْحُهَا.
قَالَ أَهْلُ العِلْمِ: لَمَّا تَوَعَّدَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى مَسْحِ أَرْجُلِهِمْ، عُلِمَ أَنَّ الوَعِيدَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي تَرْكِ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبيِّ ﷺ صِفَةَ الوُضُوءِ رَوَى أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، لَا أَنَّهُ مَسَحَهُمَا.
وَمِنْ بَابٍ: غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ
* حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ ﵁، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ: (رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ)، وَذَكَرَ الحَدِيثَ.
وَقَالَ فِي الحَدِيثِ: (فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا) (٢).
مُرَادُ البُخَارِيِّ مِنْ إِيرَادِ هَذَا الحَدِيثِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ
(١) سورة المائدة، الآية: (٠٦).(٢) حديث (رقم: ١٦٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute