وَهَذَا يُجَلِّي قِيمَةَ العِنَايَةِ بِمَبَاحِثِ الأَلْفَاظِ، وَفَائِدَةَ مَعْرِفَةِ دِلَالَاتِهَا وَتَفَاوُتِهَا، فَهُوَ العَاصِمُ بَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ زَيْغِ الفُهُومِ.
وَاتَّسَمَ مَنْهَجُ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ التَّيْمِيِّ ﵀ فِي هَذِهِ القَضِيَّةِ بِدِقَّةٍ بَالِغَةٍ، وَكَانَتْ إِشَارَاتُهُ فِيهَا مُقْتَضَبَةً نَافِعَةً، وَلَا غَرْوَ فِي ذَلِكَ؛ فَقَدْ كَرَعَ ﵀ مِنْ مَنَاهِلِ العِلْمِ الزُّلَالَةِ، وَاغْتَرَفَ مِنْ حِيَاضِهَا الرَّقْرَاقَةِ، ثُمَّ صَدَرَ عَنْهَا بِعِلْمٍ جَمٍّ نَثَرَهُ بَيْنَ ثَنَايَا شَرْحِهِ لِأَحَادِيثِ الجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ ﵀.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يَجِدُ بَيَانَه فِي الْمُثُلِ التَّالِيَةِ:
أ - العَامُّ وَالخَاصُّ:
* تَخْصِيصُ القُرْآنِ الكَرِيمِ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:
نَصَّ المُصَنِّفُ ﵀ عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ تُخَصِّصُ عُمُومَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ: "هَذِهِ الأَحَادِيثُ تَخُصُّ قَوْلَهُ ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ (١) وَتُبَيِّنُ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي المَكْتُوبَاتِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ (٢) فِى النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ" (٣).
* اللَّفْظُ الخَاصُّ يَقْضِي عَلَى اللَّفْظِ العَامِّ:
قَالَ ﵀: "سُئِلَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ عَنِ الجَمْعِ بَيْنَ الأَخْتَيْنِ بِمِلْكِ
(١) سورة البقرة، الآية (١٤٤) و (١٥٠).(٢) سورة البقرة، الآية (١١٥).(٣) (٣/ ١٢١) من قسم التحقيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute