المطَّلَبُ الثَّالِثُ وَهَمُ المُصَنِّفِ ﵀ فِي نِسْبَةِ بَعْضِ الأَقْوَالِ الفِقْهِيَّةِ إِلَى غَيْرِ أَصْحَابِهَا
وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ ﵀ فِي شَرْحِهِ هَذَا بَعْضُ الوَهَمِ عِنْدَ نِسْبَةِ بَعْضِ الأَقْوَالِ الفِقْهِيَّةِ، وَقَدْ يَنْسُبُ لِأَحَدِ المَذَاهِبِ قَوْلًا وَيَكُونُ فِي المَذْهَبِ قَوْلَانِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا يَخْلُو مِنْهُ كِتَابٌ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ عَالِمٌ، وَتَجْدُرُ الإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ هَذَا الأَمْرَ قَلِيلٌ جِدًّا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ كَمَا يُقَالُ، وَلَوْلَا أَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَوْعِبَ كُلَّ المُؤَاخَذَاتِ عَلَى هَذَا الكِتَابِ مَا ذَكَرْتُهَا أَصْلًا.
فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ نَقَلَ عَنِ المَالِكِيَّةِ أَنَّهُمْ يُحَرِّمُونَ أَكْلِ الضَّبِّ (١)، وَالصَّوَابُ المَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ المَالِكِيَّةِ أَنَّهُ حَلَالٌ كَمَا بَيَّنَتُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ قِسْمِ التَّحقِيقِ.
وَمِنْهُ أَنَّهُ نَقَلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَهُ: "إِنَّ بَيْنَ آخِرِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ العَصْرِ فَاصِلَةٌ لَا تَصْلُحُ لِلظُّهْرِ وَلَا لِلْعَصْرِ" (٢).
وَقِوَامُ السُّنَّةِ إِنَّمَا تَبِعَ ابْنَ بَطَّالٍ ﵀ عَلَى هَذَا، وَإِلَّا فَإِنَّ هَذَا القَوْلَ لَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الفِقْهِ عَنِ الإِمَامِ الشَّافِعِي ﵀!!
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀: "وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ يَنْفَصِلُ مِنْ
(١) ينظر: (٥/ ٢٢٨) من قسم التحقيق.(٢) ينظر: (٢/ ٤٥٣) من قسم التحقيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute