وَقَوْلُهُ: (إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا فِعْلًا يَنْقُضُ بِهِ الإِسْلَامَ، وَهُوَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ الإِيمَانِ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ (١).
(وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ) يُرِيدُ أَنَّ العِصْمَةَ إِنَّمَا تُرْفَعُ بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ لَا غَيْرُ، فَأَمَّا دُخُولُ النَّارِ وَالجَنَّةِ، وَكَوْنُهُ مُسْلِمًا فِي عِلْم اللهِ تَعَالَى، فَهُوَ مِمَّا لَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا يُحَاسِبُهُ اللهُ ﷾ فِي الآخِرَةِ.
(وَالعِصْمَةُ): الحَقْنُ وَالحِفْظُ، يُقَالُ: عَصَمَ الشَّيْءَ إِذَا حَفِظَهُ.
بَابُ الإِيمَان (٢)
قَالَ البُخَارِيُّ بِعَقِبِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٣)، وَإِنَّمَا قَالَهُ اقْتِبَاسًا مِنْ قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ قَوْلَهُ: ﴿تَعْمَلُونَ﴾ مَعْنَاهُ: تُؤْمِنُونَ، وَ: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ (٤).
أَيْ: فَلْيُؤْمِنُوا، إِلَّا أَنْ يُخَاطِبَ بِهَذَا الكُفَّارَ، يَقُولُ: لِلْمُؤْمِنِينَ مِثْلُ هَذَا النَّعِيمِ، وَلَكُمْ فِي الجَحِيمِ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ، وَنَحْوُهَا مِنَ الأَوْزَارِ وَالبَلِيَّاتِ، فَلِمِثْلِ
(١) كَما فِي حَدِيث عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ ﵁ مرفُوعًا: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِه المفَارِقُ للجَمَاعَة)، أخرجه البخاري (رقم: ٦٨٧٨) ومسلم (رقم: ١٦٧٦).(٢) كذا في المخْطُوطِ! وفي صَحِيح الْبُخَارِي: "بَاب: مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَل"، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ أَشَارَ إِلَى اخْتِلافِ نُسَخِ البُخَارِي فِي هَذِهِ التَّرْجمة.(٣) سورة الزخرف، الآية: (٧٢).(٤) سورة الصَّافات، الآية: (٦١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute