* المَسْأَلةُ الثانية عشرة: حُكْمُ مُرْتَكِبِ الكَبِيرَة:
بَعْدَ الاتِّفَاقِ عَلَى تَقْسِيمِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي إِلَى كَبَائِرَ وَصَغَائِرِ كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ القُرْآنُ الكَرِيمُ، وَصَحَّتْ بِهِ الأَخْبَارُ عَنِ الرَّسُولِ ﷺ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ ﵏ في التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا اخْتِلَافًا كَبِيرًا.
وَأَهْلُ السُّنَّةِ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ فِي مَشِيئَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ: إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ بِعَدْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَجَاوَزَ عَنْهُ بِمَنِّهِ وَعَفْوِهِ وَفَضْلِهِ، وَقَوْلُهُمْ هَذَا وَسَطٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ:
مَقَالَةِ الوَعِيدِيَّةِ مِنَ الخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَسْلُبُونَهُ الإِيمَانَ، وَيَقُولُونَ إِنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ.
وَمَقَالَةِ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَهُ مُؤْمِنًا كَامِلَ الإِيمَانِ، وَيَقُولُونَ: لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ قِوَامُ السُّنَّةِ ﵀: "وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ﵁، وَقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ رَدٌّ عَلَى الرَّافِضَةِ وَالخَوَارِجِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: أَصْحَابُ الكَبَائِرِ يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ بِذُنُوبِهِمْ، وَقَدْ نَطَقَ القُرْآنُ بِتَكْذِيبِهِمْ، قَالَ الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (١)، وَقَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ (٢)، وَتَرْكُ الْمَثُوبَةِ عَلَى الإِحْسَانِ ظُلْمٌ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ.
(١) سورة النساء، الآية (٤٧)، والآية: (١١٦).(٢) سورة النساء، الآية: (٤٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute