قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا فَالْمَرْجِعُ فِي تَحْدِيدِهِ إِلَى العُرْفِ وَالعَادَةِ كَالقَبْضِ وَالتَّفَرُّقِ وَالحِرْزِ.
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَ أَرْضًا لِيَجْعَلَهَا دَارًا، أَوْ أَرَاد أَنْ يَجْعَلَهَا مُرَاحًا (١) وَحَظِيرَةً لِلْغَنَمِ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا أَرْضًا لِلْمُزَارَعَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا دَارًا لِلسُّكْنَى يَحْتَاجُ أَنْ يَبْنِيَهَا وَيُسَقِّفَ مِنْهَا قَدْرَ مَا تَكُونُ السُّكْنَى فِيهِ، فَإِنْ بَنَى وَلَمْ يُسَقِّفْ لَمْ يَمْلِكُهَا، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ كَالْمُتَحَجِّرِ لَهَا فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا مُرَاحًا وَحَظِيرَةً لِلْغَنَمِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، يَحْتَاجُ أَنْ يُحَوَّطَ حَوْلَهَا حَائِطًا وَيَجْعَلَ لَهَا بَابًا، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَلَكَهَا، لأَنَّ العَادَةَ أَنَّ الْمُرَاحَ هَكَذَا يَكُونُ، وَإِنْ جَمَعَ حَوْلَهَا شَوْكًا وَآجُرًّا فَلَا يَمْلِكُهَا، وَلَكِنْ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا أَثَرٌ وَيَدٌ، فَيَكُونُ كَالْمُتَحَجِّرِ لَهَا.
وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَهَا أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): يَحْتَاجُ أَنْ يُسَوِّيَ تُرَابَهَا، وَيَسُوقَ المَاءَ إِلَيْهَا وَيَزْرَعَهَا.
وَمِنْ بَابِ: القَطَائِعِ
مَنْ أُقْطِعَ أَرْضًا وَتَحَجَّرَهَا فَلَمْ يَعْمُرُهَا قِيلَ لَهُ: إِنْ أَحْيَيْتَهَا وَإِلَّا خُلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يُحْيِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَحَجَّرَ مَوَاتًا فَإِنَّهُ يَصِيرُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (٣).
(١) الْمُراحُ: المكانُ الَّذي تأوي إليه الغنم، وينظر: العين للخليل (٢/ ١٤)، ومقاييس اللغة لابن فارس (٢/ ٤٥٥).(٢) ينظر المهذَّب للشِّيرازي (١/ ٤٢٤)، الحَاوي الكبير للماوردي (٧/ ٤٨٦)، تكملة المجموع (١٥/ ٢١١).(٣) ينظر: مختصر المزني (ص: ١٣١)، الحاوي الكبير للماوري (٧/ ٤٨٩)، بحر المذهب للروياني=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute