فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ وَإِنْ تَتَأَيَّمِي … وَإِنْ كُنْتُ أَفْتَى مِنْكُمْ أَتَأَيَّمُ
وَالأَيَّمُ فِي هَذَا الخَبَرِ: الثَّيِّبُ، لأَنَّهُ لَمَّا قَابَلَ الأَيِّمَ بِالبِكْرِ اقْتَضَى أَنْ تَكُونَ البكْرُ غَيْرَ الأَيِّمِ، لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ غَيْرُ البِكْرِ إِلَّا الثَّيِّبُ، فَعَدَلَ بِالاِسْمِ عَنْ حَقِيقَةِ اللُّغَةِ.
قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ ﵀ (١): فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: (الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا) (٢)، جَعَل صُمَاتَهَا إِذْنًا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَأْذَنَ لِأَبِيهَا بِالنُّطْقِ. وَاسْتِنْدَانُ الأَبِ ابْنَتَهُ البِكْرَ؛ فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً لِلاسْتِحْبَابِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الأَبِ وَالجَدِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ.
وَفِي قَوْلِهِ: (وَالبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا)، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِذْنَ الثَّيِّبِ النُّطْقُ.
وَالاِسْتِئْمَارُ: الاِسْتئَذَانُ.
وَمِنْ بَاب: لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
مَنْ خَطَبَ امْرَأَةً فَصَرَّحَتْ لَهُ بِالإِجَابَةِ حَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا الأَوَّلُ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ (٣).
فَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ لَهُ بِالإِجَابَةِ، وَلَمْ تُعَرِّضْ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَى غَيْرِهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ
(١) ينظر المهذب للشيرازي (٢/ ٣٧).(٢) أخرجه الإمام مسلم: (رقم: ١٤٢١) من حديث ابن عَبَّاسٍ ﵄.(٣) حديث (رقم: ٥١٤٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute