وَمِنْ بَاب: صَلَاةِ الكُسُوفِ جَمَاعَةً
* فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ (١).
سُنَّةُ الكُسُوفِ أَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً فِي المَسْجِدِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ، إِنْ شَاءَ أَطَالَ القِرَاءَةَ، وَإِنْ شَاءَ فَصَرَهَا، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ (٣).
وَقَدْ رُوِيَتْ فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ أَحَادِيثُ مُخْتَلِفَةٌ.
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (٤): إِنَّ القَوْلَ بِهَا كُلِّهَا جَائِزٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى صَلَاةَ الكُسُوفِ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً، وَخَيَّرَ أُمَّتَهُ فِي العَمَلِ بِأَيِّ ذَلِكَ شَاءُوا.
وَقَالُوا: وَلِأَنَّهُ ﷺ كَانَ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ تَنْجَلِي، فَإِذَا انْجَلَتْ سَجَدَ، فَمِنْ هَا هُنَا زِيَادَةُ الرَّكَعَاتِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ، وَخَمْسُ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ، وَسِتٌّ، وَثَمَانٍ، وَأَكْثَرُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ ضِعَافٌ، وَأَصَحُّ مَا فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ.
وَفِي قَوْلِهِ ﷺ: (إِنِّي رَأَيتُ الجَنَّةَ وَالنَّارَ) مُثِّلَا لَهُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِمَا بِعَيْنِهِ كَمَا مُثِّل
(١) حديث (رقم: ١٠٥٢).(٢) ينظر: الأصل لمحمَّد بن الحَسَن (١/ ٤٤٣)، ومختصر الطحاوي (ص: ٣٩)، بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٧٠٩).(٣) تقدم، وهو (برقم: ١٠٤٠).(٤) ينظر شرح ابن بطال (٣/ ٤١).نَقَلَ الإِمَامُ ابن المُنْذِرِ في الأوسط (٥/ ٣٠٣) عن إسْحَاق بن راهُويه بَعْدَ ذِكْرِهِ لهِذِهِ الرِّوايات قوله: "كُلُّ ذَلِكَ مُؤْتَلِفٌ، يُصَدِّقُ بَعْضُه بَعْضًا، لأنَّه إنَّما كانَ يَزِيدُ مِنَ الرُّكوعِ إِذَا لَم يَرَ الشَّمْسَ قَدِ انْجَلت، فَإِذا انْجَلَتِ الشَّمْسُ سَجَد" اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute