حَنِيفَةَ (١): هُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَبِيلَ الإِمَامِ أَنْ يَلْقَ رَعِيَّتَهُ وَالخُصُومَ خُصُوصًا فِي كَمَالِ الهَيْئَةِ، أَلَا تَرَاهُ أَخَذَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ رِدَاءَهُ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ الكَلَامِ عَلَى التَّشْبِيهِ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ: (هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبْيدُ أَبِي) أَيْ: كَعَبِيدِهِ.
وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الإِشَارَةُ إِلَى شَرَفِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمَحَلِّهِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ وَأَبَا طَالِبٍ إِذْ كَانَا وَلَدَيْهِ كَانَا كَأَنَّهُمَا عَبْدَانِ لَهُ فِي الخُضُوعِ لِحُرْمَتِهِ، وَزَوَالِ الحِشْمَةِ عَنْهُ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَمْوَالِهِمَا، وَأَنَّ عَلِيا ﵁ إِذْ كَانَ ابنَ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدًا إِذْ كَانَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَهُمَا لِحَمْزَةَ بِهَذَا الْمَحَلِّ، لَا يَحْتَشِمُ مِنْ تَنَاوُلِ [ … ] (٢) مِنْ أَمْوَالِهِمَا.
وَقَوْلُ عَلِيٍّ: (مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمَ)، أَرَادَ مَا جَرَى عَلَى مَالِهِ مِنْ حَمْزَةَ ﵁، وَأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ مَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ حَمْزَةَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الكَلَامَ فِيمَا يُخَاطَبُ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ يَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبٍ اخْتِلَافِ الْمُخَاطِبِ بِصَدْرِ الكَلِمَةِ الَّتِي يُخَاطِبُ بِهَا فِي الاِسْتِحْقَاقِ مِنْ عِنْدِ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهَا اسْتِخْفَافًا، فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ يَسْتَخِفُّ بِصَدْرِ مِثْلِهَا مِنْ عِنْدِ مَنْ يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَيَكُونُ اسْتِخْفَافًا فَيَكْفُرُ.
(١) ينظر: البحر الرائق لابن نجيم (٣/ ٢٦٦)، والدر المختار (٤/ ٤١).(٢) في المخطوط خرم بمقدار كلمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute