تَفَاضَلَا رَجَعَ صَاحِبُ الفَضْلِ عَلَى الآخَرِ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بن خُزَيْمَةَ (١): الْمُخَابَرَةُ هِيَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الأَجْزَاءِ مِمَّا تُخْرِجُهُ الأَرْضِ، وَقَدْ جَمَعَ فِي الأَخْبَارِ بَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَابَرَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِوَاوِ الاِسْتِئْنَافِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُمَا شَيْئَانِ نُهِيَ عَنْهُمَا لَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُحَاقَلَةَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْمُخَابَرَةِ لَيْسَتِ الْمُزَارَعَةَ الَّتِي هِيَ الْمُخَابَرَةُ، إِذْ فَرَّقَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُمَا بِفَرْقَيْنِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُخَابَرَةُ قَدْ تَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ اسْمِ الْمُحَاقَلَةِ فِي بَعْضِ مَعَانِي اسْمِهِ، إِذِ الْمُحَاقَلَةُ إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُحَاقَلَةً لِأَنَّ الأَنْصَارَ يُسَمُّونَ أَرْضِ الْمُزَارَعَةِ حَقْلًا وَمَحَاقِلًا، أَوَلَا تَسْمَعُ خَبَرَ رَافِعِ بن خَدِيجٍ: (كُنَّا أَكْثَرَ الأَنْصَارِ حَقْلًا) (٢)، أَوْ خَبَرَ ظَهِيرِ بْنِ رَافِعٍ: (نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نَكْرِيَ مَحَاقِلَنَا) (٣)، يَعْنِي مَزَارِعَنَا.
(١) هذا النَّصُّ أَيْضًا مِنْ نُصُوص تُرَاثِ إِمَامِ الأَئِمَّة محمَّدِ بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة المَفْقُودِ، والَّتِي احْتَفَظَ بِهَا شَرْحُ قِوَامِ السُّنَّة التَّيْمِي ﵀، وقَدْ أَشَار إلى تَصْنِيفِه في الْمُزَارَعَةِ الإمامُ الخَطَّابِيُّ ﵀ في معالم السنن (٣/ ٩٥)، وقال: "وَقَدْ أَنْعَمَ بَيَانَ هَذَا البَابِ مُحَمَّد بنُ إِسْحَاق بن خُزَيْمَةَ، وَجَوَّزَهُ، وَصَنَّفَ فِي الْمُزَارَعَةِ مَسْأَلَةً ذَكَرَ فِيهَا عِلَلَ الأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا".(٢) أخرجه البخاري، (رقم: ٢٧٢٢)، ومسلم (رقم: ١٥٤٧) عن رافِعٍ به.(٣) أخرجه بهذا اللفظ: أحمد في المسند: (٤/ ١٤٣)، وأبو نُعيم في معرفة الصحابة (١/ ٣٤٤) و (٣/ ١٥٧٨) من طريقٍ أَيُّوبَ بن عُتْبَة ثنا عَطَاء أَبُو النَّجَاشِي عن رَافِعٍ عن عَمِّه ظَهِيرٍ ﵄ به.وإِسْنَادُه ضَعِيفٌ أيُّوبُ هذا ضَعِيفٌ كما قال الحافظ في التقريب.قلت: تَابَعَه الأَوْزَاعي: أَخْرَجَه البُخاري (رقم: ٢٣٣٩)، ومُسْلِمٌ (رقم: ١٥٤٨) عَن أَبِي النَّجَاشِي عَنْه به نحوه.قال عبد الله بن أحمد: "وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَحَادِيثِ رَافِعِ بن خَدِيجٍ: مَرَّةً يَقُولُ: نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ ومَرَّةً يَقُولُ عَنْ عَمِّهِ؟ فَقَالَ: كُلُّها صِحَاحٌ، وأحَبُّها إليَّ حديثُ أيُّوب".وأيُّوبُ هُنَا في قَوْلِ الإِمَامِ أَحْمَدَ هُو السِّخْتِيَاني، لَا أَيُّوبُ بنُ عُتْبَة! ورِوَايَتُة الَّتِي ذَكَرهَا أَحْمَدُ ﵀ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute