بَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِن المتبايعِيْنَ خِيَارُ الفَسْخِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ إِلى أَنْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَتَراضَيَا بالتَّبَايُعِ في المجَالِسَ (١)، وإِلَى هَذَا ذَهَبَ جماعَةٌ مِن الصَّحابَة والتَّابِعِين.
وقالَ جَمَاعَةٌ: الْبَيْعُ يَلزَمُ بِمُجَرَّدِ العَقْدِ، وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيارُ الْمَجْلِسِ، ذَهَبَ إِلَى هَذَا مِنَ التَّابِعِينَ: شُرَيحٌ (٢)، والنَّخعِيُّ (٣)، ومِنَ الْفُقَهَاءِ: مَالِكٌ (٤) وأبُو حَنِيفَة (٥).
واحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ (٦)، وأَحْمدُ (٧) في إِثْبَاتِ الخِيارِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ) (٨).
فَأَثِبَتَ لِلْمُتَبَابِعَيْنِ الخِيَارَ بَعْدَ تَسْمِيتِهِمَا بَيِّعَيْنِ وَمُتَبَابِعَيْنِ، وَكُلُّ اسْمٍ اشْتُقَّ مِنْ فِعْلٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى بِهِ بَعْدَ وُجُودِ ذَلِكَ الفِعْلِ، كَالضَّارِبِ وَالشَّاتِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَكَذَلِكَ الْمُتَبَايِعَانِ إِنَّمَا يُسَمَّيانِ مُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ وُجُودِ التَّبَايُعِ بَيْنَهُمَا، فَالخَبَرُ يَقْتَضِي
(١) نقل هذه العبارة الكرماني في الكواكب الدراري (١٠/ ٩) وعَزَاهَا لِقِوام السُّنَّةَ التَّيْمِي ﵀.(٢) علَّقَهُ البُخَاري في هذا الباب، ووَصلَ أَثَر شُرَيْحٍ: ابن أبي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّف (٧/ ١٢٦) عن شعبة عن الحكم عنه.وينظر: تغليق التعليق لابن حجر (٣/ ٢٢٧ - ٢٢٩).(٣) ينظر قوله في الأوسط لابن المنذر - طبعة دار الفلاح - (١٠/ ٢٢٥).(٤) ينظر: المدونة (٤/ ١٨٨)، الرسالة لابن أبي زيد (ص: ٢١٨)، الكافي لابن عبد البر: (ص: ٣٤٣).(٥) ينظر: فتح القدير لابن الهمام (٥/ ١٨١)، بدائع الصنائع للكاساني (٥/ ١٣٤)، مختصر الطحاوي (ص: ٧٤).(٦) ينظر: الأم للشافعي (٣/ ٤)، مختصر المزني (ص: ٧٥)، الحاوي الكبير للماوردي (٦/ ٥٩) ..(٧) ينظر: مسائل أحمد برواية عبد الله (ص: ٢٧٨)، المغني لابن قدامة (٤/ ٦)، الإنصاف للمرداوي (٤/ ٣٧١).(٨) حديث (رقم: ٢١٠٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute