اللهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ كَمَا خَصَّ إِبْرَاهِيمَ ﵇ بِالخُلَّةِ، وَكَمَا خَصَّ مُوسَى ﵇ بِالكَلَامِ بِلَا وَاسِطَةٍ (١).
وَقَدْ أَسْنَدَ ﵀ لها فِي هَذَا الفَصْلِ الأَحَادِيثَ وَالآثَارَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَوَجَّهَ كَلَامَ العُلَمَاءِ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ (٢): وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَرُ (٣) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَرَ رَبَّهُ، لأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ وَهُوَ تُرْجُمَانُ القُرْآنِ قَالَ لِعِكْرِمَةَ: (ذَاكَ نُورٌ، إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ)، وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى رَبَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ (٤)، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ إِذَا قَالَ: كَلَّمَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ".
وَهَذَا الاِخْتِيَارُ مَشْهُورٌ عَنِ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ ﵀، نَقَلَهُ عَنْهُ ابن الْمُحِبِّ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ "صِفَاتُ رَبِّ العَالَمِينَ"، فقال: "سُئِلَ أَبو القَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بن مُحَمدٍ التَّيْمِيُّ: إِنَّ الله حِينَ خَلَقَ آدَمَ هَلْ رَأَى رَبَّهِ عِيَانًا أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: كَلَّمَهُ قِبَلا، وَلَمْ يُروَ خَبَرٌ أَنَّهُ رَآهُ، وَالرُّؤْيَةُ للنَّبِيِّ ﷺ خُصُوصًا" (٥).
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ هُنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(١) ينظر: (٤/ ٦١٠) من قسم التحقيق.(٢) ينظر: (٤/ ٦١٤) من قسم التحقيق.(٣) سورة الأنعام، الآية: (١٠٣).(٤) سورة الشورى، الآية (٥١).(٥) صفات رب العالمين، لابن المحب المقدسي (رقم: ١٤٠٣) (١/ ١٤٠٣)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute