عَلَى الإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إِلَّا بِهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): الوَاجِبُ مِنَ القِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ مَا تَنَاوَلَهُ اسْمُ قُرْآنٍ، وَذَلِكَ آيَاتٌ قِصَارٌ، أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ كَآيَةِ الدَّيْنِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﷺ: (اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ) (٢)، قَالَ: وَلَمْ يَخُصَّ سُورَةً مِنْ غَيْرِهَا، فَإِذَا قَرَأَ مَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ فَقَدْ فَعَلَ الوَاجِبَ.
وَحُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَهَا قَوْلُهُ ﷺ: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ) (٣)، نَفَى أَنْ تَكُونَ صَلَاةٌ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا، وَقَوْلُهُ لِلَّذِي رَدَّهُ ثَلَاثًا: (اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ) هُوَ مُجْمَلٌ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ مُفَسَّرٌ، وَالْمُفَسَّرُ قَاضٍ عَلَى الْمُجْمَلِ، كَأَنَّهُ قَالَ: اقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ الَّتِي قَدْ أُعْلِمْتَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا، فَهِيَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ.
قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ (٤): حَدِيثُ عُبَادَةَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُمُومِ، يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الكِتَابِ: صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا، أَوْ مَأْمُومًا، أَوْ إِمَامًا، فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الإِمَامُ أَوْ يُسِرُّ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (٥)، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ البُخَارِيُّ فَقَالَ: "بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالمَأْمُومِ".
وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ عَلَى العُمُومِ، إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الإِمَامُ
(١) الهداية (١/ ٥٨)، مختصر الطحاوي (ص: ٢٨)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥١١).(٢) من حديث أبي هريرة السابق، (رقم: ٧٥٧).(٣) حديث رقم: (٧٥٦)، وهُوَ حَدِيثُ عُبَادَةِ المَشَارِ إِلَيْهِ سَابِقًا.(٤) ينظر: شرح ابن بطال (٢/ ٣٧٠).(٥) مختصر المزني (ص: ١٥)، المهذَّب للشيرازي (١/ ٨١)، حلية العلماء للقفال (١/ ١٠٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute