فَثَبَتَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ نِدَائِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِنَّمَا كَانَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ إِذْ فِعْلُهُ كَانَ لِلصَّلَاةِ.
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (١): قَوْلُ مَنْ قَالَ أَرَادَ بِهِ السُّحُورَ، لَوْ أَرَادَ بِهِ السُّحُورَ فَقَطْ لَقَالَ: حَيَّ عَلَى السُّحُورِ، وَلَمْ يَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، فَيَدْعُوَهُمْ إِلَيْهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى السُّحُورٍ، فَثَبَتَ أَنَّهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا، فَيَكُونُ حَظًّا عَلَى الصَّلَاةِ، وَإِنِ احْتَاجَ أَحَدٌ إِلَى غُسْلٍ اغْتَسَلَ، أَوْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ عَادَتْهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ، فَيَعْرِفَ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ وَقْتٌ يَسْتَرِيحُ فِيهِ بِنَوْمِهِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ، وَيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ) (٢)، وَهَذَا يُحتَاجُ إِلَيْهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَصُومُ دَهْرَهُ أَوْ عَلَيْهِ نَزْرٌ.
= وللحافظ ابن حجر بحثٌ جيِّدٌ في فتح الباري: (٢/ ١٠٣) خَلَصَ فِيه إِلى تَقْوِيَة هَذَا الْمَرْفُوعَ، أَنْقُلُه بِتَمَامِهِ لِنَفَاسَتِه، قال ﵀ بَعْدَ ذِكْرِه لِرَواية حمَّاد بن سَلَمَة المرفوعة: "ورجالُه ثِقاتٌ حُفَّاظٌ، لكن اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الحَدِيثِ: عليُّ بنُ المديني، وأَحمدُ بنُ حَنْبَلٍ، والبُخَارِيُّ، والذُّهْلِيُّ، وَأَبُو حَاتم، وأبو داودَ، والتِّرْمِذيُّ، والأَثْرَمُ، والدَّارَقُطني على أنَّ حَمَّادًا أَخْطَأ في رفعه، وأنَّ الصَّوابَ وَقْتُه عَلَى عُمَرَ بن الخَطَّاب، وأنه هو الَّذِي وَقَعَ لَه ذَلِكَ مَعَ مُؤذِّنِه، وَأَنَّ حَمَّادًا الفَرَدَ بِرَفْعِه.ومَع ذَلِك؛ فَقَد وُجِدَ له مُتابعٌ: أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ من طَرِيق سَعِيدِ بن زَرْبي - وهُو بِفَتْحِ الزَّاي، وسُكُون الرَّاءِ، بَعْدَها مُوَحَّدَة، ثُمَّ يَاءٌ كَيَاءِ النَّسَب، فَرَوَاهُ عن أيُّوبَ مَوْصُولا، لَكِنْ سَعِيدٌ ضَعِيفٌ.ورواه عبدُ الرَّزاق عَن مَعْمَرٍ عن أَيُّوب أَيْضًا لَكِنَّه أَعْضَله، فَلَمْ يَذْكُر نَافِعًا ولا ابن عُمر.ولَه طَرِيقٌ أُخرى عن نَافِعِ عند الدَّارقطني وغَيْرِه، اخْتُلِف في رَفْعِها وَوَقْفِهَا أَيْضًا، وأُخْرَى مُرْسَلَةٌ من طريقِ يُونُس بن عُبَيدٍ وَغَيْرِه عن حُمَيدِ بن هِلالٍ، وأُخْرى مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَن قَتَادَة مُرْسَلَةٌ، ووَصَلَها يُونُس عن سَعِيدٍ بِذِكْرِ أَنَسٍ، وهَذِهِ طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا قُوَّةً ظَاهِرة".(١) ينظر: شرح ابن بطال (٢/ ٢٥١).(٢) حديث (رقم: ٦٢١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute