ما جاء في عذاب القبر (١). (وأما المنافقُ والكافرُ) أو يقال: الواو ثَمَّ بمعنى: أو هنا. (لا داريت) بفتح الراء. (ولا تليت) أصلُه: تلوتَ، أُبدلت الواو ياء لمزاوجة. (داريت) وفي نسخةٍ: "أتلبت" ومجموعُ ذلك دعاءٌ عليه، أي: لا كنتَ داريًا، ولا تاليًا، أو: إخبارٌ له، أي: لا علمتَ بنفسِك بالاستدلال، ولا اتبعتَ العلماءَ بالتقليد فيما يقولون.
(بمطرقة) بكسر الميم، أي: بمرزبَّةٍ، كما عبرَّ بها في "سنن أبي داود"(٢). (يسمعها من يليه) ظاهرهُ الملكان فقط، دليس مرادًا؛ بقرينةِ استثنائه الآتي، وبقرينة خبرِ الإمامِ أحمد:"يسمعه خلقُ الله كلُّهن غيرَ الثقلين"(٣) إذ المنطوقُ مقَّدمٌ على المفهوم، لكن يستثنى من الإخبار الجهات؛ بقرينة خبر البزار:"يسمعه كُّل دابةً إلا الثقلين"(٤) أي: الإنس والجن، وسميا بذلك؛ لثقلهما على الأرض، والحكمةُ في عدمِ سماعهما: الابتلاءُ، فلو سمعا لكان الإيمانُ منها ضروريًّا، ولأعرضوا عن التدبير والصنائع ونحوهما مما يتوقف عليه بقاؤهما، فإن قلتَ: لم مُنعتْ الجنُّ سماعَ هذه الصيحةَ، دون سماعهم قولَ الميت: إذا حمل قدِّموني قدِّموني؟ قلتُ: لأنَّ قوله إذ ذاك: في حكم الدنيا، وهو اعتبار وعظه لسامعه، وخصَّ ذلك بالجنِّ؛ لما فيهم من قوةٍ، يثبتون بها عند
(١) سيأتي برقم (١٣٧٤) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر. (٢) "سنن أبي داود" (٤٧٥٣) كتاب: السنة، باب: في المسألة في القبر وعذاب القبر من حديث البراء بن عازب. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح. (٣) "مسند أحمد" (٣/ ٣٤). (٤) "كشف الأستار عن زوائد البزار" ١/ ٤١٤ (٨٧٤) كتاب: الجنائز، باب: السؤال في القبر.