رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى وادي القُرى، حتى إذا كان بوادي القُرى -بينما مِدْعَم يحطُّ رَحْلاً لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سهْمٌ عائر (١) فقتَله، فقال النّاس: هنيئاً له الجنّة.
فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كلاّ؛ والذي نفسي بيده؛ إنّ الشملة (٢) التي أخذَها يوم خيبر مِن المغانم؛ لم تُصبها المقاسم، لتَشْتَعل عليه ناراً، فلمّا سَمِع ذلك النّاس جاء رجل بشِراكٍ (٣) أو شِراكين إلى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: شِراك من نار أو شِراكان من نار" (٤).
وعن عمرَ بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "لمّا كان يومُ خيبر أقْبَل نفرٌ مِن صحابة النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالوا: فلانٌ شهيد، فلانٌ شهيد، حتى مرّوا على رجلٍ فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كلاّ إني رأيته في النار في بُردةٍ (٥) غلَّها أو عباءةٍ" (٦).
(١) سهم عائر: أي لا يُدرى من رمى به. "الفتح". (٢) الشملة: كساءٌ يُتغطَّى به، ويُتلفّف فيه. "النّهاية". (٣) الشِّراك: -بكسر السين- وهو السير المعروف؛ الذي يكون في النعل على ظهر القدم. "شرح النّووي". (٤) أخرجه البخاري: ٦٧٠٧، ومسلم: ١١٥. (٥) قال النّووي -رحمه الله-: "أمّا البردة -بضم الباء- فكساءٌ مخُطَّط وهي الشملة والنَّمِرة، وقال أبو عبيد: هو كساء أسود فيه صور وجمعها بُرَد -بفتح الراء-" انتهى. والنّمرة: كل شملة مخطوطة من مآزر الأعراب؛ لأنها أُخذت مِن لون النَّمِر، لما فيها مِن السواد والبياض. "النّهاية". (٦) أخرجه مسلم: ١١٤.