هُذيل اقتَتَلتا، فرمت إِحداهما الأخرى بحجر فأصاب بطنَها وهي حامل، فقَتلت ولدها الذي في بَطنها.
فاختصَموا إِلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقضى أن دية ما في بطنها غُرَّة عبدٌ أو أمة. فقال وليُّ المرأة التي غَرِمت: كيف أغرَمُ يا رسول الله من لا شَرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهلّ (١)، فمثل ذلك يُطلّ (٢)؟
فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنما هذا من إِخوان الكهان (٣)" (٤).
ما هي الغُرة؟
قال الإِمام النووي -رحمه الله-: "قال أهل اللغة: الغُرّة عند العرب أنفس شيء".
وقال ابن الأثير -رحمه الله- في "النهاية": "الغُرّة: العبد نفْسُه أو الأمة، وأصل الغُرّة: البياض الذي يكون في وجه الفَرس، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرّة عبدٌ أبيض أو أمة بيضاء، وسمي غرّةً لِبياضِه، فلا يُقبَل في الدية عبدٌ أسود ولا جارية سوداء، وليس ذلك شرطاً عند الفقهاء ... ".
قال الإِمام النووي -رحمه الله- (١١/ ١٧٦): "واعلم أنّ المراد بهذا كلِّه؛ إِذا انفصل الجنين ميتاً أمّا إذا انفصل حيّاً ثم مات؛ فيجب فيه كمال الدّية؛
(١) استهلال الصبيّ: تصويته عند ولادته. "النهاية". (٢) أي يُهدَر، يقال: دم فلان هُدر إِذا تُرك الطَّلب بثأره "الفتح". (٣) أي لمشابهة كلامه كلامهم. "الفتح". (٤) أخرجه البخاري (٥٧٥٨)، مسلم (١٦٨١).