والحاصل: أنّ أصلَ دم المسلم وماله؛ العِصمَة، ولم يأذن الله -عزّ وجلّ- سوى بقتال الطائفة الباغية حتى تفيء، فيجب الاقتصار على هذا (١).
وعن عرفجة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقول:"إنّه ستكون هَنات وهَنات، فمن أراد أن يُفرّق اْمر هذه الأُمّة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائناً مَن كان"(٢).
وفي لفظ:"مَن أتاكم وأمرُكم جميع، على رجل واحد، يُريد أن يَشُقّ عصاكم؛ أو يُفرّق جماعتكم؛ فاقتلوه"(٣).
لا يُجهز على الجريح منهم ولا يُسلب القاتل ولا يُطلب المولّي
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال:"شهدت صفّين فكانوا لا يجيزون على جريح (٤)، ولا يطلبون مُوَليّاً، ولا يسلِبون قتيلاً"(٥).
(١) قال الإمام النّووي -رحمه الله-، (٧/ ١٦٩)، عقب قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُم فَإنَ فِي قَتْلِهِم أجْراً" [سيأتي تخريجه إن شاء الله]: "هَذَا تَصْرِيح بِوُجُوبِ قِتَال الْخوَارِج وَالْبُغَاة، وَهُوَ إِجْمَاع الْعُلَمَاء، قَالَ الْقَاضِي: أجْمَعَ الْعُلَمَاء، عَلَى أنَ الْخوَارِج، وَأشْبَاهَهُمْ مِنْ أهل الْبِدَع وَالْبَغْي؛ مَتَى خَرَجُوا عَلَى الْإِمَام وَخَالَفُوا رَأْي الجماعَة وَشَقُّوا الْعَصَا؛ وَجَبَ قِتَالهمْ بَعْد إِنذَارهمْ، وَالاعْتِذَار إِلَيْهم. قَالَ الله - تَعَالَى-: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ... ، وَهَذَا كُلّه مَا لم يَكْفُرُوا بِبِدْعَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ بِدْعَة مما يَكْفُرُونَ بِهِ جَرَتْ عَلَيْهِمْ أحْكَام المرتدِّينَ". (٢) أخرجه مسلم: ١٨٥٢. (٣) أخرجه مسلم: ١٨٥٢. (٤) لا يجيزون على جريح: أي: مَن صُرع منهم وكُفِي قِتالُه، لا يُقْتَل؛ لأنهم مسْلِمون، والقصْد مِن قتالهِم دَفْعُ شَرِّهِم، فإذا لم يُمْكِن ذلك إلاَّ بقَتْلهم قُتِلوا. "النّهاية". (٥) أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي، وصححه شيخنا -رحمه الله- في "الإرواء" (٢٤٦٣).