قال: فأنا والله رأيت النساء يشْتَدِدْن (١)، قد بدت خلاخلُهن وأسْوُقُهنّ (٢)، رافعاتٍ ثيابَهُنّ. فقال أصحاب عبد الله بن جبيرٍ: الغنيمةَ أيْ قومُ الغنيمةَ، ظهر أصحابُكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبيرٍ: أنسيتم (٣) ما قال لكم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قالوا: والله لنأتينّ الناس فلنصيبنّ من الغنيمة، فلمّا أتَوْهم صُرِفت وُجُوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أُخْراهم.
فلم يبْقَ مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غيرُ اثني عشر رجلاً، فأصابوا منّا سبعين وكان النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابُه أصابَ مِن المشركين يوم بدر أربعين ومائةً، سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً" (٤).
[مبادرة الإمام عند الفزع]
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان بالمدينة فَزَع، فاستعار النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرساً لأبي طلحة، فقال: ما رأينا مِن شيء وإنْ وجَدناه لبحراً (٥) " (٦).
(١) يشْتَدِدْن: أي على الكُفّار، يقال: شدَّ عليه في الحرب: أي: حَمَل عليه، ويقال: معناه: يَعْدُون، والاشتداد: العَدْوُ ... "المصدر السابق". (٢) جمع ساق. (٣) انقسم الصحابة -رضي الله عنهم- قسمين: قسماً أخذ بالنَّص، وقسماً تأوّل؛ والمصيب هو المتمسك بالنَّص. (٤) أخرجه البخاري: ٣٠٣٩. (٥) لبحراً: أي واسعَ الجري، وسمّي البحر بحراً لسَعَته، وتبحّر في العلم: أي اتّسَع "النهاية". (٦) أخرجه البخاري: ٢٩٦٨، ٢٦٢٧، ومسلم: ٢٣٠٧.