في الإِهمال، ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه؛ فلا يأمن أن يجرّه ذلك إِلى العمل بمِثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم.
وبهذا يندفع اعتراض من قال: كيف يصيب عذاب الظالمين من ليس بظالم؟ لأنّه بهذا التقرير لا يأمن أن يصير ظالماً؛ فيُعذَّب بظلمه".
لا يمشي منتعلاً بين قبور المسلمين:
ولا يمشي بين قبور المسلمين في نعليه؛ لحديث بشير بن الخصاصية قال: "بينما أُماشي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .. أتى على قبور المسلمين ... فبينما هو يمشي؛ إِذ حانت منه نظرة؛ فإِذا هو برجلٍ يمشي بين القبور عليه نعلان، فقال: يا صاحبَ السِّبْتيَّتيْن (١) ألقِ سِبتيّتيْك. فنظر، فلمّا عرف الرجل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلع نعليه، فرمى بهما" (٢).
قال الحافظ في "الفتح" (٣/ ١٦٠): "والحديث يدلُّ على كراهية المشي بين القبور بالنّعال، وأغرب ابن حزم فقال: يحرم المشي بين القبور بالنّعال السّبّتية دون غيرها! وهو جمود شديد.
قال شيخنا -رحمه الله- (ص ٢٥٣): "وقد ثبت أن الإِمام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في "مسائله" (ص ١٥٨): "ورأيت أحمد إِذا تبع الجنازة فقرُب من المقابر؛ خلع نعليه".
(وكذا في "العلل" (٣٠٩١) - طبع بيروت).
(١) جاء في "النهاية": "السّبت -بالكسر-: جلود البقر المدبوغة بالقَرَظ [ورق شجر له شوك]، يتخذ منها النعال، سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنّ شعرها قد سُبت عنها؛ أي: حُلق. (٢) أخرجه أصحاب "السنن" وغيرهم، وقد تقدّم.