"سمعْتُ كعبَ بن مالك -رضي الله عنه- حين تخلَّف عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يكن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يريد غزوة؛ إلاَّ وَرّى بغيرها"(١).
الكَذِب والخداع في الحرب
عن جابر -رضي الله عنه- أن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"الحربُ خُدْعة"(٢).
جاء في "الفتح": "قال ابن العربي -رحمه الله-: "الخِداع في الحرب يقع بالتعريض وبالكمين ونحو ذلك، وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب: بل الاحتياج إليه آكد مِن الشجاعة، ولهذا وقع الاقتصار على ما يشير إليه بهذا الحديث، وهو كقوله "الحجّ عرفة"(٣).
قال ابن المنير: معنى الحرب خُدعة، أي: الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة في مقصودها؛ إنما هي المخادعة لا المواجهة، وذلك لخَطَر المواجهة، وحصول الظَّفر مع المخادعة بغير خطَر".
وقال الإمام النووي -رحمه الله- (١٢/ ٤٥): "واتفقَ العلماء على جواز خِداع الكُفّار في الحرب، وكيفما أمكَن الخداع؛ إلاَّ أن يكون فيه نقْضُ عهدٍ أو أمان؛ فلا يَحِلّ".
وعن أمّ كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- أنها سَمِعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(١) أخرجه البخاري: ٢٩٤٧ واللفظ له، ومسلم: ٢٧٦٩. (٢) أخرجه البخاري: ٣٠٣٠، ومسلم ١٧٣٩. (٣) أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي وغيرهم، وصحَّحه شيخنا -رحمه الله- في "الإرواء" (١٠٦٤).