قال شيخنا -حفظه الله- في "الأجوبة النافعة"(ص٥٣) وثبوت الأمر بالسعي إِليها؛ يتضمّن الأمر بها من باب أولى، لأنّ السعي وسيلة إِليها؛ فإِذا وجبت الوسيلة، وجب المتوسَّل إِليه بالأحرى.
قال محمّد صدّيق البخاري في "الموعظة الحسنة": وظاهر محافظته على ما ذكر في الخطبة وجوب ذلك، لأنَّ فعله بيان لما أجمل في آية الجمعة، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلّوا كما رأيتموني أصلي"(١). وقد ذهب إِلى هذا الشافعي. وقال بعضهم: مواظبته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دليل الوجوب. قال في "البدر التمام": "وهو الأظهر".
والقول بالوجوب هو الذي ذهب إِليه جمهور أهل العلم مستدلّين بما تقدّم، والله تعالى أعلم.
تسليم الإِمام إِذا رقى المنبر:
عن جابر -رضي الله عنه-: "أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذا صعَد المنبر سلَّم"(٢).
قال شيخنا -حفظه الله- في "الصحيحة" تحت الحديث (٢٠٧٦): وممّا يشهد للحديث ويقوّيه أيضاً؛ جريان عمل الخلفاء عليه، فأخرج ابن أبي شيبة عن أبي نضرة قال:"كان عثمان قد كبر، فإِذا صعَد المنبر سلّم، فأطال قدْر ما يقرأ إِنسان أمّ الكتاب". وإسناده صحيح.
ثمَّ روى عن عمرو بن مهاجر: "أنَّ عمر بن عبد العزيز كان إِذا استوى على
(١) أخرجه البخاري: ٦٣١، وتقدّم. (٢) أخرجه ابن ماجه "صحيح ابن ماجه" (٩١٠) وغيره، وانظر "الصحيحة" (٢٠٧٦).