وعن يزيدَ بنِ أبي عبيد مولى سلمةَ بن الأكوع قال:"قلت لسلمة: على أيِّ شيء بايعتم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الحديبية؟ قال: على الموت"(١).
قلت: ليس في هذا تعارُض؛ لأن المبايعة على عدم الفرار -وهو المطلوب- لا يلزم منها الموت دائماً.
قال الحافظ -رحمه الله-: " ... المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفرّوا ولو ماتوا، وليس المراد؛ أن يقع الموت ولا بُدّ".
التحنُّط (٢) عند القتال (٣)
عن موسى بن أنس قال: وذَكر يوم اليمامة -قال: "أتى أنسٌ ثابت بن قيس وقد حَسَرَ (٤) عن فَخِذيه، وهو يتحنَّط، فقال: يا عَمِّ ما يَحبِسُك أن لا تجيء؟ قال: الآن يا ابن أخي؟ وجعل يتحنَّط -يعني من الحنُوط-.
ثمّ جاء فجلَس فذكرَ في الحديث انكشافاً من الناس (٥) فقال: هكذا عن وجوهنا (٦) حتى نضارب القوم، ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٧)، بئس ما
(١) أخرجه البخاري: ٢٩٦٠، مسلم: ١٨٦٠.
(٢) التحنّط عند القتال: أي استعمال الحَنوط، وهو ما يُطيَّب به الميت. "الفتح". (٣) هذا العنوان من "صحيح البخاري" (باب - ٣٩). (٤) حسَر: كشف. (٥) في رواية ابن أبي زائدة: "فجاء حتى جلَس في الصفّ، والناس ينكشفون" أي: ينهزمون، "الفتح". (٦) هكذا عن وجوهنا: أي افسحوا لي حتى أقاتِل. (٧) أي بل كان الصف لا ينحرف عن موضعه. "الفتح".