على خطبته. فأمّا قبل أن يعلم رضاها أو ركونها إِليه، فلا بأس أن يخطبها، والحُجّة في ذلك حديث فاطمة بنت قيس، حيث جاءت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكَرت له أنّ أبا جهم بن حذيفة، ومعاوية بن أبي سفيان خطباها. فقال:"أمّا أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأمّا معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد"(١).
فمعنى هذا الحديث عندنا -والله أعلم-: أن فاطمة لم تخبره برضاها بواحد منهما، فلو أخبرته، لم يشر عليها بغير الذي ذكرت" (٢).
تفسير ترْك الخِطبة (٣):
عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أنّ عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة قال عمر: لَقيت أبا بكر فقلت: إِن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فلبثت لياليَ، ثمّ خطبها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلقيني أبو بكر فقال: إِنه لم يمنعني أن أرجع إِليك فيما عرضت؛ إِلا أني قد علمتُ أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد ذكَرها، فلم أكن لأُفْشِيَ سِرَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولو ترَكها لَقَبِلتُها" (٤).
قال ابن بَطّال ما ملخصه: "تقدّم في الباب الذي قبله تفسير ترك الخِطبة
(١) أخرجه مسلم: ١٤٨٠. (٢) انظر "سنن الترمذي" (كتاب النكاح) "باب أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه". (٣) هذا من تبويب الإِمام البخاري -رحمه الله- (كتاب النكاح) "باب - ٤٦". (٤) أخرجه البخاري: ٥١٤٥، وتقدّم.