ينبغي عدم الإِجحاف بأموال الأغنياء ومراعاة حقوقهم، فلا يؤخذ من أنْفَسها إلاَّ برضاهم، ويجب كذلك مراعاة الفقير فلا يؤخذ الحيوان المعيب، وإنّما من وسط المال.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:"قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمعاذ بن جبل -حين بعَثه إِلى اليمن- ... فأخبِرْهم أنّ الله قد فرَض عليهم صدقة؛ تُؤخذ من أغنيائهم؛ فتردّ على فقرائهم، فإِنْ هم أطاعوا لك بذلك؛ فإِيّاك وكرائم (١) أموالهم"(٢).
ومن الأدلة على ذلك:
١ - ما رواه أنس أنّ أبا بكر -رضي الله عنه- كتَبَ له التي أمر الله رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "ولا يخرَج في الصدقة هرِمة (٣)، ولا ذاتُ عوار (٤) ولا تيس (٥)، إلاَّ ما شاء
(١) الكرائم: قال الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣٦٠): "جمع كريمة أي: نفيسة، ففيه ترْك أخْذ خيار المال، والنكتة فيه؛ أنّ الزكاة لمواساة الفقراء، فلا يناسب ذلك الإِجحاف بمال الأغنياء إِلا إِن رضوا بذلك". وجاء قبله (٣/ ٣٢٢): يُقال: ناقة كريمة أي: غزيرة اللبن، والمراد الأموال من أيّ صِنفٍ كان، وقيل: له نفيس؛ لأن نفس صاحبه تتعلّق به .. ". (٢) أخرجه البخاري: ١٤٩٦، ومسلم: ١٩، وتقدم نحوه. (٣) هَرِمة: الكبيرة التي سقطَت أسنانها. (٤) قال الحافظ: "بفتح العين المهملة وبضمّها أي: المعيبة، وقيل: بالفتح العيب وبالضمّ العَوَر". (٥) التيس: هو فحل الغنم، والنهي لكونه يُحتاج إليه، ففي أخْذه بغير اختيار صاحبه إِضرارٌ به. والله أعلم، "فتح" (٣/ ٣٢١) بتصرُّف.