قال العلامة العيني -رحمه الله- في "عمدة القاري" (١٤/ ٢٩٤): "في نزول خُبَيبٍ وصاحبِه، جواز أن يَسْتأْسر الرجل (٢).
قال المهلَّب: إذا أراد أن يأخذ بالرخصة في إحياء نفسه؛ فعَل كفِعل هؤلاء، وعن الحَسن لا بأس أن يَستأسِر الرجَل إذا خاف أن يُغلَب. وقال الثوريُّ: أكره للأسير المسلم؛ أن يُمكِّن مِن نفسه إلاَّ مجبوراً، وعن الأوزاعي: لا بأس للأسير المسلم أن يأبى أن يُمكِّن مِن نفسه، بل يأخذ بالشدة والإِباء مِن الأسر والأَنَفة؛ من أن يجري عليه مَلِكٌ كافر -كما فعَل عاصم-".
قلت: والأسير هو الذي يرجِّح مصلحته، ويُقرّر أمْرَه، بحسب يقينه وعزمه وما يشاهده، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليس الخبر كالمعاينة" (٣).
[من ركع ركعتين عند القتل]
للحديث المتقدم وفيه:
"فلمّا خرجوا مِن الحرَم ليقتلوه في الحِلِّ، قال لهم خُبَيب: ذروني أركعْ
(١) أخرجه البخاري: ٣٠٤٥، ٣٩٨٩، ٤٠٨٦. (٢) أي: يُسْلِم نفسه للأسر. (٣) أخرجه أحمد وغيره، وصححه شيخنا -رحمه الله- في "تخريج الطحاوية" برقم (٤٠١)، وقال شيخنا -رحمه الله- في "هداية الرواة" (٥٦٧٠): "حديث صحيح، صحَّحه ابن حبان وكذا صحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي".