إِنّ أمي توفِّيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إِن تصدَّقت به عنها؟ قال: نعم. قال: إِني أُشهِدك أنّ حائطى المِخْرَافَ (١) صدقة عليها" (٢).
الثالث: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أنّ رجلاً قال للنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنّ أبي مات وترك مالاً ولم يُوصِ، فهل يُكفّر عنه أن أتصدّق عنه؟ قال: نعم" (٣).
الرابع: عن عبد الله بن عمرو: "أنّ العاص بن وائل السَّهْمِي أوصى أن يُعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية.
قال: حتى أسأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله! إِنّ أبي أوصى بعتق مئة رقبة، وإنّ هشاماً أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون، أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنه لو كان مسلماً فأعتقتم عنه أو تصدّقتم عنه، أو حججتم عنه؛ بلغه ذلك (وفي رواية: فلو كان أقرّ بالتوحيد فصمت وتصدّقت عنه؛ نفعه ذلك)" (٤).
قال شيخنا -رحمه الله- (ص ٢١٩): "قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(٤/ ٧٩): "وأحاديث الباب تدّل على أنّ الصدقة من الولد تلحق الوالدين
(١) أي: المثمر. قاله الكرماني (١٢/ ٧٧). سمي بذلك لما يُخْرَفُ منه؛ أي: يجنى من الثمرة. قاله القسطلاني، كما في "عون المعبود" (٨/ ٦٣). (٢) أخرجه البخاري: ٢٧٦٢. (٣) أخرجه مسلم: ١٦٣٠. (٤) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٢٥٠٧)، والبيهقي -والسياق له- وأحمد، -والرواية الأخرى له-، وإسنادهم حسن.