ويؤيد ما دلّت عليه الآية والحديث أحاديثُ خاصة وردت في انتفاع الوالد بعمل ولده الصالح؛ كالصدقة والصيام والعتق ونحوه، وهي هذه:
الأول: عن عائشة -رضي الله عنها-: "أنّ رجلاً قال للنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنّ أميّ افتُلِتَت نفسها (٢)، وأراها لو تكلّمت تصدّقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، تصدّق عنها" (٣).
الثاني: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أنّ سعد بن عبادة -رضي الله عنه- أخا بني ساعدة -تُوفِّيت أُمه وهو غائب، فأتى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله!
(١) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٠١٣)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٤١٤٤)، والترمذي، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (١٧٣٨). (٢) جاء في "النهاية": "أي: ماتت فجأة وأُخذت نفسها فلتة، يُقال: افتلته: إِذا استلبه، وافتُلِتَ فلان بكذا: إِذا فُوجئ به قبل أن يستعدّ له. ويروى بنصب النفس ورفعها: فمعنى النصب: افتَلَتَها الله نفسها، مُعدّى إِلى مفعولين، كما تقول: اختَلَسَه الشيء واستلبه إِيّاه، ثمّ بنى الفعل لما لم يُسمّ فاعله، فتحوّل المفعول الأوّل مضمراً وبقي الثاني منصوباً، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأمّ؛ أي: افتلتت هي نفسها. وأمّا الرّفع؛ فيكون مُتعدياً إِلى مفعول واحد، أقامه مقام الفاعل، وتكون التاء للنفس؛ أي: أُخذت نفسها فلتة". قال القاضي: أكثر روايتنا فيه بالنصب. قاله النووي -رحمه الله-. (٣) أخرجه البخاري: ٢٧٦٠، ١٣٨٨، ومسلم: ١٠٠٤.