وهو في الصلاة فيردُّ علينا، فلمّا رجعْنا من عند النجاشيِّ سلّمْنا عليه فلم يردّ علينا وقال: إِنّ في الصلاة شُغُلاً" (١).
أمّا من تكلّم ناسياً أو جاهلاً بالحُكم فصلاته صحيحة، كما في حديث معاوية بن الحكم السُّلميّ قال: "بَيْنا أنا أُصلّي مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم (٢) فقلت: واثكْلَ أُمِّياهْ (٣)! ما شأنكم (٤) تنظرون إليَّ؛ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمّا رأيتهم يُصَمِّتُونني (٥) لكنِّي سكتُّ. فلما صلّى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبأبي هو وأمِّي! ما رأيتُ معلّماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه. فوالله! ما كَهَرني (٦) ولا ضربني ولا شتمني. فال: إِنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إِنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" (٧).
جاء في "المرقاة" (٣/ ٦٢): "قال القاضي: أضاف الكلام إِلى الناس ليخرج منه الدعاء والتسبيح والذكر، فإِنّه لا يراد بها خطاب الناس وإِفهامهم.
(١) أخرجه البخاري: ١١٩٩، ومسلم: ٥٣٨ (٢) أي: نظروا إِليّ نظْر زجْر؛ كيلا أتكلمّ في الصلاة. قاله الطيبي كما في "المرقاة" (٣/ ٦١). (٣) بكسر الميم والثُّكْل بضمٍّ وسكون وبفتحهما: فقدان المرأة ولدها، والمعنى: وافقدها لي فإِني هلكْت. "المرقاة". (٤) أي: ما حالكم وأمركم؟ (٥) أي: يسكّتونني. (٦) أي: ما قهرَني وزجَرني وما استقبَلني بوجه عبوس. "مرقاة" بتصرف. (٧) أخرجه مسلم: ٥٣٧