قال شيخنا في "الصحيحة"(٣٣٥) بحذف وتصرف: "وله شاهد من حديث أنس بن مالك يتقوّى به، ويرويه عبد الحميد بن محمود قال: "صلّيت مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدُفِعنا إِلى السواري، فتقدّمنا وتأخّرنا، فقال أنس: كنّا نتّقي هذا على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (١).
وهذا الحديث نصٌّ صريح في ترك الصف بين السواري، وأنّ الواجب أن يتقدّم أو يتأخّر؛ إلاَّ عند الاضطرار؛ كما وقع لهم.
وعن ابن مسعود أنَّه قال: "لا تصفُّوا بين السواري". وقال البيهقي: "وهذا -والله أعلم- لأنّ الأسطوانة تحول بينهم وبين وصل الصف" (٢).
وقال مالك: "لا بأس بالصفوف بين الأساطين إِذا ضاق المسجد". انتهى.
ويستدلّ بعضهم على جواز الصلاة بين السواري بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "دخل النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البيت وأسامة بن زيد وعثمان ابن طلحة وبلال فأطال، ثمَّ خرج، كنت أول الناس دخل على أَثَره، فسألت بلالاً: أين صلّى؟ قال: بين العمودين المقدّمين" (٣). وبما رواه أيضاً أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل الكعبة وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة الحَجَبِيُّ، فأغلقها عليه ومكث فيها. فسألتُ بلالا حين خرج: ما صنَع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال:
(١) قال شيخنا -حفظه الله- أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم بسند صحيح؛ كما بيّنته في "صحيح أبي داود" (٦٧٧). (٢) أخرجه ابن القاسم في "المدونة" (١/ ١٠٦)، والبيهقي (٣/ ١٠٤) من طريق أبي إِسحاق عن معدي كرب. (٣) أخرجه البخاري: ٥٠٤، ومسلم: ١٣٢٩