حتى يصبح وينظر، فإِنْ سمع أذاناً كفّ عنهم، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم (١)، قال: فخرجنا إِلى خيبر فانتهينا إِليهم ليلاً فلمّا أصبح ولم يسمع أذاناً ركل وركبت خلف أبي طلحة وإِنَّ قدمي لتمس قدم النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: فخرجوا إِلينا بمكاتلهم (٢) ومساحيهم (٣) فلمّا رأو النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالوا: محمد والله والخميس (٤).
قال: فلمّا رآهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكبر خربت خيبر إِنّا إِذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين".
قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٩٠) بعد هذا الحديث: "قال الخطابي: فيه أنَّ الأذان شعار الإِسلام، وأنّه لا يجوز ترْكه، ولو أنَّ أهل بلد اجتمعوا على ترْكه؛ كان للسلطان قتالهم عليه" (٥).
(١) أخرجه البخاري: ٦١٠، ومسلم: ٣٨٢ (٢) المكاتِل: جمع المِكتل -بكسر الميم- وهو القُفّة أي: الزِّنبيل. "شرح الكرماني" (٥/ ١٠). (٣) المساحي: جمع المسحاة، وهي المجرفة إلاَّ أنّها من الحديد. "شرح الكرماني" (٥/ ١٠). (٤) الخميس: الجيش، سمّي به لأنّه مقسوم بخمسة أقسام: المقدّمة، والساقة [المؤخرة] والميمنة، والميسرة، والقلب. وقيل: لأنّه تخمّس فيه الغنائم. "النّهاية". (٥) وجاء في "شرح الكرماني" (٥/ ١٠): " [قال] التيمي: وإنما يُحقن الدم بالأذان لأن فيه الشهادة بالتوحيد والإقرار بالنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال: وهذا لمن قد بلغَته الدعوة، وكان يمسك عن هؤلاء حتى يسمع الأذان ليعلم أكانوا مجيبين للدعوة أم لا، لأن الله تعالى قد وعده إظهار دينه على الدين كله.